إسقاط النظام الشمولي في العراق بشكل مفاجئ ومزدوج وتبنى الديمقراطية والسوق بشكل مفاجئ ومزدوج أيضاً، يعني ضخامة الجرعة التي تلقاها المجتمع العراقي فلم يتحملها مما أدى إلى خلق الاضطرابات التي انعكست على عملية التحول الاقتصادي..
في ظل هشاشة الحكومة العراقية وتنامي قوة المرجعية العليا في أدوار مختلفة، تصاعد دور العتبات الاستثماري وبالخصوص في كربلاء والنجف، ليشكل هذا التصاعد دوراً تنافسياً حاداً للقطاع الخاص في الاستثمار وفي مجالات مختلفة، وبهذا الدور التنافسي ابتعدت كثيراً عن الدور المساند الذي كان يُفترض أن تتبناه..
إن التحول الكبير الذي سيحصل بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، المتمثل في تحولها إلى أكبر منُتج ومُصدر للنفط الخام في العالم، سيُعطيها زخماً من الفاعلية والتأثير في أسعار النفط على الساحة الدولية، وتصبح هي المتحكم الرئيس ببوصلة أسعار النفط، وهذا ما تطمح إليه لمجابهة منافسيها كالصين من أجل الحفاظ على صدارتها العالمية..
في تخلي الدولة عن الدور الاقتصادي الذي كان سائداً قبل 2003 وعدم قدرة القطاع الخاص على إدارة الاقتصاد بشكل انفرادي ومفاجئ، يبقى الحل الأمثل والأفضل، هو الشراكة ما بين الدولة والقطاع الخاص، خصوصاً في المرحلة الراهنة، لتلافي التعثر وتيسير التحول..
اقتصاد السوق هو نظام اقتصادي يستطيع تحقيق الأهداف الاقتصادية ولكن في الوقت ذاته يعاني من إخفاقات معقدة، ومن أجل معالجتها لابُد من تدخل الدولة إلى حد ما لمعالجة هذه الإخفاقات فقط ثم تنسحب بمجرد زيادة قدرة اقتصاد السوق على معالجة هذه الإخفاقات بشكل تلقائي..
يشكل إنجاز البنية التحتية في العراق مفتاح تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وبما إن مالية الدولة تعتمد بشكل كبير جداً على الإيرادات النفطية التي تتسم بالتذبذب وانخفاض أسعارها ويبدو إن تحليق أسعارها نحو الارتفاع بات أمراً غير محتوم لأسباب تتعلق بالبدائل، أصبح من غير المنطق الاعتماد على هذا الخيار ولابد من التفكير في خيارات أخرى..