بدأ الحديث عن تشكل تحالف أوروبي لحماية أمن الملاحة في مضيق هرمز وتأمين عملية الشحن الدولي من خلاله؛ الأمر الذي لم يعجب إيران، إذ ترى فيه، بأنه سيتسبب في انعدام الاستقرار. هذا التحالف وأن لم يشكل بعد، إلا أنه يبدو فيه الكثير من الاشكاليات..
أن تطبيق حظر استيراد النفط الإيراني يدفع إيران الى غلق مضيق هرمز، لمنع كل من (العراق، الكويت، الامارات، قطر، البحرين، عمان، السعودية) من تصدير نفطها ايضاً، وبذلك ستوفر هذه الخطوة ضغط اضافي على الاقتصاد العالمي سيؤدي الى محاولة ايجاد حلول سريعة للأزمة..
تسعى الولايات المتحدة لفرض المزيد من العقوبات بهدف دفع ايران على التنازل والرضوخ لشروط جديدة حتى تتمكن من عقد اتفاق جديد بشروط قاسية ، وهي تدرك جيداً صعوبة اقناع المفاوض الايراني بالطرق الاعتيادية فالضغط قد يجبرها اخيراً على التفاوض المشروط ،وحتى مع فشل الوساطة اليابانية الا ان خيار الحرب قد جرى استبعاده من طرفي الازمة ويبقى الامر متروك للظروف الدولية والرغبة المتبادلة والنية الحقيقية لانهاء الازمة ودور الوسطاء في دفع الطرفين للذهاب نحو طاولة التفاوض..
يمكن ان تقدم الولايات المتحدة الكثير من المساعدة للإيرانيين وتقويض شرعية النظام الفاسد الذي يضطهده، ولكن لحين إيجاد استراتيجية شاملة ترمي الى تقويض الحرس الثوري الإيراني فإن أي جهد دبلوماسي او حملة ضغط قصوى سوف تفشل في تحقيق أهدافها وتسبب القطيعة بين الشعب الإيراني والولايات المتحدة اما بسبب وقوفها مع النظام في عهد أوباما او معاقبته كما يحدث في عهد ترامب..
تعول أمريكا قبل تنفيذ تلك الضربة لإحداث تغيير من الداخل الإيراني نظراً للتحديات الاقتصادية والاجتماعية للشعب الإيراني؛ لإبراز الضعف الايراني كجزء من الحرب النفسية التي تعمل عليها لإضعاف عزيمة الجيش الإيراني واحباط الروح المعنوية لديه وتشجيع الشعب على معاداة نظامه عبر نشر الاخبار والدعاية والاعلان بأن الشعب الإيراني هو شعب صديق وطموح وان هدف العقوبات هي محاسبة ومحاصرة النظام..
متى ما تأكد لدى القيادة الإيرانية ان الولايات المتحدة لا تريد اسقاط النظام السياسي فيها، وان الضربة العسكرية في حال حصولها ستزعزع النظام السياسي واركانه العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية، ربما سنكون امام تغيير في القرار الإيراني..
سيكون العراق بحاجة إلى رؤية حكومية وطنية موحدة اتجاه ما يحدث في المنطقة، وأن لا يكون إيرانياً أو أمريكياً بقدر ما يكون بحاجة إلى رؤية براغماتية يستطيع من خلالها أن ينأى بنفسه عن الصراع الأمريكي – الإيراني لتحقيق توازن سياسي بين المواقف المتخاصمة؛ لأن وقوفه بجانب أحد الطرفين سيضعه إمام ازمات حقيقية وكبيرة..
أن إيران اليوم تمر بصعوبات جمة جراء الحصار الأمريكي، والعراق بوابتها الكبرى لتجاوز مشاكلها او التقليل من شدتها وهنا على صانع القرار العراقي التحرك لإجراء مفاوضات جديدة وتعديل بعض الاتفاقيات القائمة، ومنع جميع اشكال التدخل في شؤونه الداخلية..
في ظل تراكم هذه التحديات التي تحيط بالعلاقات الأمريكية العراقية، وفي ظل حاجة الطرفين لبعضهما، لاسيما بالنسبة للحكومة العراقية، لابد من العمل على تذليل تلك التحديات، والعمل على تأطير العلاقة القوية مع الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال معالجة التحديات التي تتعلق بها، لاسيما في طبيعة علاقاتها مع بعض دول الجوار، بما يضمن الاحترام المتبادل للسيادة الداخلية، ويحافظ على طبيعة العلاقات السياسية المتوازنة مع كل الاطراف الإقليمية والدولية..
توصف العلاقات العراقية-الايرانية اجماليا بأنها علاقات غير متكافئة بين دولة تمثل فاعل اقليمي مؤثر في ملفات وازمات المنطقة وهي طرف بصراع اقليمي ودولي، واخرى دولة اقل ما توصف به انها تعاني ازمات عدة تشل كل قطاعات الحياة ومجالات السياسة ولا يمكنها نفض غبارها..
ان الاندفاع الأمريكي الحالي ضد إيران لقي دعم وتأييد جيران ليس لهم علاقة بإيران الامر الذي يقلل من التأثير عليها، وبدلاً من ذلك، فإن جولة العقوبات الجديدة ستزيد من كراهية الحلفاء الذين تحتاجهم الولايات المتحدة لأولويات إقليمية أخرى دون تغيير السلوك الإيراني بشكل ملحوظ..
عند اخذ التضخم الخارجي بالاعتبار وعلى فرض 3 بالمائة سنويا يكون سعر الصرف الحقيقي للريال الإيراني ينخفض سنويا بأكثر من 6 بالمائة. ومن المتوقع، نظريا على الأقل، ان ينعكس هذا في تطوير قدرات إيران على التصدير لأن الكلفة النسبية للصادرات الإيرانية تتناقص بأكثر من 6 بالمائة سنويا..
مهما اشتدت المقاطعة والإجراءات الأمريكية لحصار الاقتصاد الإيراني من المستبعد ان يتراجع الى أدنى مما كان عليه في السنوات 2013-2015. ومن الممكن السيطرة على حركة الاسعار وسعر الصرف ضمن مديات تتكيف معها انشطة الانتاج والاستثمار..
ما يثير الاستغراب حقاً هو أن تؤمن بمبادئ وتخالفها بالسلوك فبالاضافة إلى هيمنتها اللاشرعية عالمياً، فقد أصبحت الولايات المتحدة الامريكية تسير بعكس الإتجاه الذي تتبناه سياسياً واقتصادياً خصوصاً بعد قيادتها للعولمة ووصول ترامب ذو العقلية الأنانية إلى سدة الحكم..