عند اخذ التضخم الخارجي بالاعتبار وعلى فرض 3 بالمائة سنويا يكون سعر الصرف الحقيقي للريال الإيراني ينخفض سنويا بأكثر من 6 بالمائة. ومن المتوقع، نظريا على الأقل، ان ينعكس هذا في تطوير قدرات إيران على التصدير لأن الكلفة النسبية للصادرات الإيرانية تتناقص بأكثر من 6 بالمائة سنويا..
مهما اشتدت المقاطعة والإجراءات الأمريكية لحصار الاقتصاد الإيراني من المستبعد ان يتراجع الى أدنى مما كان عليه في السنوات 2013-2015. ومن الممكن السيطرة على حركة الاسعار وسعر الصرف ضمن مديات تتكيف معها انشطة الانتاج والاستثمار..
ما يثير الاستغراب حقاً هو أن تؤمن بمبادئ وتخالفها بالسلوك فبالاضافة إلى هيمنتها اللاشرعية عالمياً، فقد أصبحت الولايات المتحدة الامريكية تسير بعكس الإتجاه الذي تتبناه سياسياً واقتصادياً خصوصاً بعد قيادتها للعولمة ووصول ترامب ذو العقلية الأنانية إلى سدة الحكم..
انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران والعقوبات الاقتصادية المرتقبة بعد شهور، تهدد استقرار ونمو الاقتصاد الإيراني الذي لم يلتقط انفاسه بعد من العقوبات السابقة. حيث يعاني البلد منذ سنوات من اضطراب مالي وضعف في مناخ الاستثمار وتدهور حاد في المستوى المعيشي..
القوى التي تدعمها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضمنيا قوى ضعيفة، اذ فقد سعد الحريري، رئيس الوزراء اللبناني الموالي للسعودية، وزعيم كتلة "المستقبل" السنية، ثلث مقاعده البرلمانية، وفشل المنافس السنّي أشرف ريفي الذي هاجمه بسبب علاقته مع حزب الله في الفوز بمقعد برلماني..
البرنامج النووي حقق نجاحا كبيرا خصوصا في مرحلة الاتفاق الدولي مع مجموعة الــ 5+1 وان الترويكا الاوروبية ملتزمة بهذا الاتفاق جيداً لكننا نشهد تغير كبير في نهج الولايات المتحدة الامريكية تجاة المواقف النووية لكل من كوريا الشمالية وايران حيث نراها سابقا تقود سلم تصعيد الازمة الى التصعيد الشديد لكلاهما ومن ثم تتفق مع ايران اتفاقا نوويا واليوم نراها تحاول الوصول الى طرق مفاوضات جديدة مع كوريا الشمالية وتتبع التصعيد مع ايران فما هذا النهج الذي تسير عليه ؟..
إن الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي لا يمكن أن يحدد مصير الاتفاق أو يلغيه بشكل نهائي؛ لأن الاتفاق اتفاق جماعي بين عدة أطراف دولية ومصادق عليه في مجلس الأمن، لكن على الرغم من ذلك يمكن أن يتوقف مصير الاتفاق على الرؤيتين (الإيرانية والاوروبية)..
تتحدّث تحليلات كثيرة عن استراتيجية خطيرة تقف وراء إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرب الانسحاب من سورية، ويصل أغلبها لنظرية تقوم على نيات أميركية بإلغاء التفاهم النووي مع إيران وربّما توجيه ضربة عسكرية لها، وربط الانسحاب من سورية بجعل القوات الأميركية في العراق وسورية خارج توقّعات الاستهداف من قبل إيران وحلفائها باعتبارها خاصرة رخوة...
كمرشح للرئاسة الامريكية، تمتع الرئيس ترامب بسمعة كونه مثيراً للمشاكل. أما كونه رئيساً، فإن الوسائل المتاحة لديه قد ضعفت عندما لا يستطيع العاملون معه على توقع قراراته او تحديد اولوياته. ان الحكومات حول العالم تحاول مساعدة الولايات المتحدة، الا انهم لا يعرفون كيفية ذلك، فهم لا يفهمون السياسة الامريكية او اتجاهاتها..
لا يجب على الولايات المتحدة الامريكية اتخاذ قرارات عسكرية او دبلوماسية استنادا على ما يحفظ مصداقيتها فقط، لأن المصداقية يجب ان تكون وسيلة وليس هدفاً بحد ذاتها. ولكن الولايات المتحدة لا تستطيع الاستمرار بقيادة الاجراءات الدولية المصممة للدول المقاطعة واحضارهم مجدداً الى طاولة المفاوضات..
أصدر الرئيس الامريكي دونالد ترامب – في خطوة يمكن ان تشجع المملكة العربية السعودية ان تتحرك قدماً بخطط لزعزعة الوضع في ايران – مثل تعليماته الى مساعديه في البيت الابيض بتوفير المعلومات الخاصة بالتزام ايران بالاتفاق النووي مع القوى العظمي في شهر تشرين الاول القادم..