لن يكون هناك تأثير واضح للتعريفات الكمركية الجديدة على الاقتصاد العراقي، سوى تأثر اسعار النفط - المصدر الرئيس لإيرادات الموازنة العامة - التي ستشهد انخفاض ملحوظا وسريعا كما شهدنا في نيسان الماضي، وتأثر اسعار الذهب، والتي ستشهد ارتفاع نتيجة ارتفاع الطلب عليه عالميا، وقيمة الدينار العراقي مقابل الدولار الاميركي الذي من المحتمل ان تتراجع قيمته والموثوقية فيه على المستوى العالمي
وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الخميس 31 تموز 2025 أمرا تنفيذيا بفرض رسوم جمركية على مجموعة واسعة من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة لتصبح سارية المفعول خلال سبعة أيام – وهي الخطوة التالية في أجندته التجارية التي ستختبر الاقتصاد العالمي ومتانة التحالفات الأمريكية التي بنيت على مدى عقود. وكان ترامب قد أمهل الشركاء التجاريين للولايات المتحدة 90 يوماً، وهي فترة انتهت في 9 تموز الماضي، ومددها الى شهر آب الجاري قبل تفعيل التعريفات الانتقامية الجديدة، لاجبار الشركاء التجاريين للولايات المتحدة على التفاوض حول اتفاقيات تجارية أكثر عدلا مع الولايات المتحدة وبما يخدم الميزان التجاري الاميركي.
اعلان رسوم جمركية تصل الى 41 بالمئة على السلع المستوردة من العشرات من الدول، يشير مرة أخرى الى استغلال ترامب سلطاته لتقليص العجز التجاري لبلاده مع الكثير من شركائها التجاريين. واستعادت التصنيع الى الداخل الاميركي لخلق فرص عمل أكثر وزيادة الايرادات الجمركية. وقد عبرت كل من فرنسا وكندا عن امتعاضهما من طريقة الرئيس الاميركي في فرض الرؤية الاميركية على نظام التجارة العالمية.
ومرة اخرى الرئيس الاميركي دونالد ترامب، يحاول ان يستخدم سلطاته السياسية والتنفيذية الواسعة لتسيير السياسة النقدية الاميركية باتجاه خفض سعر الفائدة لتخفيض مدفوعات الفائدة على الديون الاميركية، اذ ان فرض التعريفات الكمركية يدفع المستوى العام للأسعار للارتفاع مما يستوجب خفض الفائدة.
جراء اعلان ترامب، تراجعت الأسهم العالمية بعد أن أبقى على تعريفة جمركية عالمية أساسية بنسبة 10%، وأعلن عن فرض تعريفات جمركية متبادلة حادة تصل إلى 41% على الدول التي لم توقع اتفاقيات تجارية. والجدير بالذكر أن الهند فُرضت عليها رسوم جمركية بنسبة 25%، وكندا بنسبة 35%، وسويسرا بنسبة 39%. وبالنسبة للصين، فقد استُبعدت الصين من القرار، إذ تواجه موعدًا نهائيًا منفصلًا في 12 / آب الجاري.
اول من تأثر بهذه التعريفات الجديدة، وفقا لوسائل اعلام، هي القارة الاوروبية التي استفاقت على آثار الرسوم الجمركية التي دخلت حيز التنفيذ، حيث شهدت تأخيرات في الشحن وارتفاع في الأسعار. وانخفض كلٌّ من مؤشري ستوكس 50 وستوكس 600 بنحو 1%، بينما أشارت العقود الآجلة الأمريكية أيضًا إلى خسائر عند الافتتاح. كذلك تشهد الاسواق الاسيوية وكندا صدمة جراء التعريفات الجديدة. والرسوم الجمركية الجديدة سيكون لها تأثير كبير على الكثير من دول العالم، عبر تأثيرها على الاقتصاد العالمي وحركة التجارة الدولية، وسلاسل التوريد العالمية.
كذلك ستضيف الرسوم الجمركية الجديدة، الكثير من عدم اليقين على قيمة الدولار ازاء العملات الدولية الاخرى، وكذلك على وظيفته كمخزن للقيمة، وسيكون توجه المستثمرين نحو الذهب كمخزن للقيمة أكثر موثوقية من الدولار.
- في نيسان الماضي، نقلت رويترز عن البيت الابيض: "ان التعرفة الأساسية البالغة 10% على جميع الواردات الى الولايات المتحدة، وأعلى من ذلك بالنسبة للعديد من الشركاء التجاريين الرئيسيين، لن تنطبق على النفط الخام والغاز الطبيعي والمنتجات المكررة". وهذا يعني ان النفط والصادرات النفطية لن تتأثر من التعريفات الكمركية الجديدة
ما يخص العراق، فرضت تعريفات جمركية على الصادرات السلعية العراقية الى الولايات المتحدة بنسبة 35 بالمئة. ووفقا لبيانات عام 2024، شكل النفط - السلعة الرئيسة التي يصدرها العراق الى الولايات المتحدة وبكميات ضئيلة بلغت قيمتها 7.64 مليار دولار خلال العام 2024، وهو معفي من التعرفة الاساسية البالغة 10 %. وبنفس الوقت، العراق لا يستورد من الولايات من الولايات المتحدة سوى السلع والمستلزمات الطبية والسيارات ويفرض العراق عليها تعريفة كمركية تتجاوز ال 70 بالمئة.
ولهذا لن يكون هناك تأثير واضح للتعريفات الكمركية الجديدة على الاقتصاد العراقي، سوى تأثر اسعار النفط - المصدر الرئيس لإيرادات الموازنة العامة - التي ستشهد انخفاض ملحوظا وسريعا كما شهدنا في نيسان الماضي، وتأثر اسعار الذهب، والتي ستشهد ارتفاع نتيجة ارتفاع الطلب عليه عالميا، وقيمة الدينار العراقي مقابل الدولار الاميركي الذي من المحتمل ان تتراجع قيمته والموثوقية فيه على المستوى العالمي، كما وضحنا في اعلاه.
اضافةتعليق