عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية حلقته النقاشية الشهرية في ملتقى النبأ الأسبوعي في مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام وذلك بتاريخ 8/11/ 2025 وحضرها نخبة من الأكاديميين ومدراء المراكز البحثية وعدد من الكتاب والمهتمين بالشأن السياسي، حيث قدم الباحث في مركز الفرات الدكتور حسين السرحان ورقته البحثية التي حملت عنوان (العراق وانتخابات 2025 ما قبل التصويت وما بعده)، وقد جاء في الورقة:
هذه الحلقة النقاشية مخصصة لموضوع الانتخابات في العراق الذي أخذ اهتماما واسعا وحوارات كثيرة في منتديات عدة، لذلك نحاول اليوم في هذه الحلقة النقاشية التركيز على متغيرات أخرى حول هذا الموضوع وهي متغيرات ما قبل الانتخابات وما بعدها لكي نستشرف طبيعة نظام الحكم أو حكومة المستقبل بعد أن أجريَت هذه الانتخابات.
هناك مجموعة مسلمات لابد من مناقشتها مبدئيا:
المسلّمة الأولى: شرعية النظام الديمقراطي.
عندما يكون هذا النظام السياسي وليد الانتخابات فهذا لا يعني بأن النظام ديمقراطي، لأن الانتخابات هي واحدة من مظاهر النظام الديمقراطي، هناك مظاهر حرية التعبير وحرية الرأي وإنفاذ القانون والأمن وقضية سيطرة الدولة على السلاح، والتداول السلمي للسلطة، والالتزام بالدستور وشرعية السلطة ومشروعية أدائها كل هذه هي مؤشرات وانتخابات أيضا.
فالانتخابات هي ليست مظهرا وحيدا للنظام السياسي الديمقراطي، بل هي مظهر أساسي لكي يكون النظام نظاما ديمقراطيا، لأن النظام الانتخابي هو الأساس الذي يحدد طبيعة ورؤية نظام الحكم، هذا جانب أما الجانب الثاني يتعلق بالعملية الانتخابية في العراق.
المسلَّمة الثانية: استشراف المستقبل.
هذا الأمر يتعلق بتحديد عدد الأصوات والمقاعد وستكون لمن؟، فأي كلام عن التوقعات لعدد المقاعد لهذه الكتلة أو ذلك الحزب أو هذه القوى أو تلك القائمة، هي ضرب من الخيال، فلا يمكن التعويل عليها بشكل كامل، وأي توقعات يُنظر لها من هذا الجانب هي توقعات دائما تكون ليست حاسمة لأنه حتى علما وأكاديميا إذا أردنا أن نعمل في الدراسات الميدانية على هذا الشيء يجب أن تكون لدينا حجم العينة أن يكون واضحا، وأن يكون ذلك وفق المناهج العلمية، يعني مثلا اليوم في كربلاء عندي عدد الناخبين الذين يحق لهم الترشيح كذا شخص وعدد المرشحين وكذلك عدد الاستمارات التي تُوَّزَع يكون وفق عدد العيّنة أو السكان.
هذه القضية تحتاج إلى جهد تقني وعلمي كبير، وعمل مضني ليل نهار حتى يمكن أن نتوقع عدد المقاعد، فحتى لو كان هناك توقّع فيوم التصويت أو ليلة التصويت قد تصدر فيها مواقف أو مجريات أو تطورات تسفر عن عمليات التواصل الاجتماعي وغيرها، ولا ننسى أن التوقعات كانت في الانتخابات الأمريكية السابقة تشير إلى هيلاري كلنتون في 2016، لكنها أسفرت عن فوز ترامب في ذلك الوقت.
لذلك نحن لا نعرف النتائج حتى لو كانت هناك دراسة علمية أكاديمية وفق مناهج البحث العلمي والدراسات الميدانية لا يمكن أن تتحقق التوقعات الخاصة بالانتخابات.
المسلمة الثالثة: قضية العملية الانتخابية بشكل عام.
ترتكز العملية الانتخابية على ثلاثة أركان أساسية:
الركن الأول: هو الناخب ومدى وعيه السياسي، وإيمانه بالدولة، وثقته بالقوى السياسية، ومؤسسات الدولة وهل يعتبر هذه الدولة ومؤسساتها ممثلة له أم لا؟
الركن الثاني: هو النظام الانتخابي أو قانون الانتخابات وهو الركن الذي تُبنى عليه الانتخابات، والركن الثالث يتعلق بطبيعة النظام الانتخابي وهو الذي يحدد لنا نوع المرشّحين، وعدد القوى السياسية، لأن هناك من يحصر الانتخابات بالقوى الكبيرة.
كما نلاحظ ذلك في قانون سانت ليغو 1.5... و 1.7 ... و 1.9 ...ولكن بعض القوانين الانتخابية تكون منصفة أكثر مثلما لاحظنا في انتخابات 2021. بعض النظم السياسية اعتمدت القائمة الانتخابية المغلقة، لذلك طبيعة الجهة التنفيذية أو السلطة التنفيذية يتم تحديدها من خلال النظام الانتخابي وقانون الانتخابات.
الركن الثالث: الإدارة الانتخابية
من يتولى إدارة العملية الانتخابية؟، مثلا في إيران وزارة الداخلية وفي كثير من الدول أيضا، أما في العراق هناك مفوضية الانتخابات، في فرنسا هنالك وزارة تدير العملية الانتخابية، حسب الدولة، لكن المهم طبيعة هذه الآليات وطبيعة الالتزام بالتعليمات والأسس والقوانين والأطر التنظيمية الخاصة بعملية الانتخابات.
نأتي إلى عملية ما قبل المشاركة، هناك مسلّمة أساس أيضا وهي مسلمة رابعة وأذكرها بشكل عام، لماذا توجد انتخابات أصلا؟، من الممكن تعيين 300 شخصا أو 329 فردا، يتم تعيينهم وهم يديرون الانتخابات، فلسفة الانتخابات تتعلق بالقضية التنظيمية، عادة كل مجتمع يوجد فيه تنظيم اجتماعي، وتغييرات اجتماعية تفرز لنا فواعل على مستوى الدولة، هذه الفواعل قد تكون سياسية، ثقافية، علمية، دينية، اجتماعية، أيا كانت طبيعة هذه الفواعل.
كل فاعل منها يرى في نفسه صاحب القدرة على تمثيل هؤلاء الناس، فالعملية تتعلق بالصراع الاجتماعي، لا مناص من ذلك في كل مجتمع، فعملية إدارة هذا الصراع والتغيير الاجتماعي بطريقة سلمية، وإفراز ممثلين لهذا المجتمع تتم عن طريق الانتخابات، لكي نتفادى الصدامات.
إذا نسحب هذه الأمور في الجانب النظري على العملية الانتخابية الموجودة في العراق، يجد لدينا مرشحون لشغل مقاعد البرلمان، وهناك ممثلون عن الأقليات، ونأتي إلى طبيعة المشاركة السياسية، وهي المشاركة في اتخاذ أو صنع القرار السياسي في البلد، الخاص بطبيعة نظام الحكم، هذا القرار السياسية والمشاركة السياسية تنقسم على جزأين:
الجزء الأول: ما قبل الانتخابات وقضية الترشيح.
الجزء الثاني: قضية التصويت
قضية الترشيح وقضية التصويت هي أكبر أجزاء الدساتير في عملية المشاركة السياسية، المشهد العام في العراق وفق هذه الانتخابات، تُظهر لنا مظاهر عديدة، ضمن القواعد الأساسية لأي عملية انتخابية، لكن ما بعد هذه القواعد الأساسية هناك مظاهر وإشكاليات كثيرة نحاول أن نركز عليها.
طبعا المشاركة الواسعة في الترشيح للانتخابات جيدة، وهي مشاركة مقننة، وفق النظام الانتخابي من حيث عدد المرشحين مشاركة جيدة وتغطي أغلب مناطق العراق على مستوى الأقضية والنواحي ومراكز المدن، هذا شيء إيجابي، المشهد الانتخابي بشكل عام يوحي لنا، بأن هناك نوعا من التوازن في الترشيح، وفي الرغبة للتمثيل على مشتوى العراقي ككل، في أبعد نقطة من مناطق ومدن الدولة.
وهذا يؤكد لنا بأن هناك نوعا من توازن الفرض، وهو شيء جيد، وفق الجانب الرسمي كما ذكرنا، وفق القواعد الأساسية وأيضا وفق القواعد.
لكن القواعد الرسمية التي بُنيَت وعدد المرشحين والتثقيف الانتخابي هي عملية ما قبل الانتخابات، وهذا المظهر الانتخابي هو الصفحة الأولى للانتخابات، لكن ماذا عن الصفحات الأخرى التي تمثل ما بعد الانتخابات؟
نأتي إلى ما قبل الانتخابات، دعونا نركز على مجموعة الإشكاليات
أولا: موضوعة المال السياسي واستغلال مؤسسات الدولة.
وهذا أمر واضح بشكل كبير على مستوى مؤسسات الدولة، واستغلال المنجز الحكومي باتجاه التثقيف الانتخابي.
ثانيا: موضوع الدعاية الطائفية والقومية
وهذا موجود لدى السنة والشيعة وطبعا لدى الأكراد أيضا، فبعض القوائم المدنية مثل تحالف البديل أو القوائم الليبرالية أو العلمانية وتحالف رئيس الوزراء الاعمار والتنمية، لم يتبن خطابا طائفيا لحد الآن، وهذا مؤشر جيد، وهنالك قوائم عديدة مثل إشراقة كانون وتحالف البديل وغيره والكثير من التحالفات لم يكن لديها هذا الشيء لكن البراغوغندة الإعلامية التي تسيطر على الرأي العام هي التي تبنت قضية الدعاية الطائفية.
هذا الخطاب ليس عفويا ولا انفعاليا، فهو خطاب مخطط له لتهيئة الرأي العام لطبيعة الصراع القادم لما بعد التصويت.
ثالثا: غياب البرامج السياسية والانتخابية
هذه القضية تكاد تكون موجودة لدى كل القوائم الانتخابية، ما عدا تحالف البديل، وشيء قليل لدى إشراقة كانون، اما قائمة رئيس الوزراء فعنده لمحات وأفكار بسيطة لكنها ليس برامج مكتوبة منشورة ومتاحة للجميع، على المستوى السياسية، الاقتصادي، الزراعة الصناعة التجارة السياسة الخارجية الأمن والدفاع، كل هذه القطاعات عامة للدولة.
رابعا: موضوع العزوف وعدم المشاركة
وهذا يتعلق بتهيئة الرأي العام لعدم المشاركة في هذه الانتخابات في عملية الاقتراع.
علينا أن لا نتصور بأنه لا توجد هناك شرعية مطلقة لهذه العملية الانتخابية، ليس لدينا في النظم السياسية والانتخابية وجود شرعية مطلقة، فالقضية قضية نسبية، حسب القوانين وحسب الدستور وحسب النظام الانتخابي المعمول به في كل دولة.
لذلك أقول إن قضية عدد المصوتين ليس مهما بقدر أبعاد هذه النسبة، على مشتوى الشرعية السياسية، هناك شرعية القبول، وهي الشرعية الأولى لتولي مهام السلطة، هذه الشرعية سوف تكون منقوصة، ولا تعبر عن الإرادة الشعبية كلها، في إن هدف النظام الانتخابي هو التعبير عن الإرادة الشعبية.
أما الجانب الثني وهو الثقة بالدولة والانتماء لهذه الدولة والمواطنة، طبعا موضوع المواطنة غاب عندنا منذ سنة 2006 أي منذ ست دورات انتخابية، لا يوجد لدينا اهتمام بقضية المواطنة، والسبب في ذلك تراجع نسب المشاركة في الاقتراع، أما بالنسبة للمشاركة في الترشيح فهي جيدة وليس لدينا مشكلة فيها، فنسب المشاركة في التصويت أو في الاقتراع في تنازل مستمر، وهذا يؤثر على عدم أو ضعف شرعية نظام الحكم وهو لا يمثل المجتمع ككل.
القية الثالثة والمهمة والتي أتوقع أن تحدث في ما بعد الانتخابات هي قضية إقصاء المرشحين، من خلال المساءلة والعدالة، أو الانتماء للبعث، أو وجود ملف جنائي، أو تزوير الشهادة الدراسية، هذه الملفات تم استخدامها في الصراع السياسي بين المرشحين حتى داخل القائمة الواحدة، ومن الممكن أن يستمر إلى ما بعد الانتخابات.
لأن بعض التصريحات التي وردت ليس بشكل علني، فالقضية أننا لم نكن نمتلك الوقت لتدقيق كل المرشحين، وهذا يعني بالإمكان في المستقبل أن يبقى الباب مفتوحا للاقصاء بسبب الشهادة الدراسية أو لسبب آخر، ولكن لا يعقل أن يكون وزير لمدة سنتين وعضو مجلس نواب لدورتين وحاليا تم اكتشاف أن شهادته الإعدادية مزورة أو سبب آخر، هذه إشكاليات ما قبل.
أما الإشكاليات الأصعب والأكثر خطورة هي الإشكاليات التي سوف يتم فرزها ما بعد التصويت، مثل طبيعة النتائج الانتخابية، عدد المصوتين، التصريحات، التوافقات الموجودة التي ستحدث، التدخل الخارجي، منهجية تشكيل الحكومة، كل هذه الأمور سوف تعتمد على موضوع التصويت.
الإشكالية الأساسية بعد الانتخابات سوف يبرز لنا موضوعان أساسيان، كم عدد المشاركين في التصويت، ومن الذي حصل على أكثر المقاعد ومن حصل على أقل المقاعد؟
وهذه مشكلة أساسية، لأنها تتعلق بقضية شرعية نظام الحكم، فهي أساسية ومهمة، والسبب في ذلك هو مديات القبول لنظام الحكم، هذه مشكلة كأداء، لاحظنا ذلك في عام 2012، وفي عام 2018، وأيضا في عام 2014، وحتى في 2010، كانت نسب المشاركة كبيرة.
ولما يكون لدينا ضعف في شرعية السلطة أو مدى قبولها من الناس مؤكد سوف تكون سببا لعدم مشروعية هذه السلطة لأنه سيكون هناك فجوة بين القوى الممثلة في مجلس النواب وبين الشعب وبالتالي قد تتفرد بعض القوى السياسية بإجراءات قانونية وتنظيمية وتنفيذية تخالف القوانين، ولذلك سوف يكون لدينا قصور ووهن في موضوع مشروعية هذه السلطة.
الجانب الثاني والمهم نحن كمتخصصين في العلوم السياسية نؤشر قضية الوعي السياسي، نحن لا نقيس على نسب المشاركة، وإنما أقيس على مؤشرات معينة سياسية واجتماعية وحتى اقتصادية على قضية الوعي السياسي لدى الجمهور.
هذا أمر مهم لأن الجمهور هو الناخب، وهو أحد أركان العملية الانتخابية، وهذه وجدت برمتها لخدمة الجمهور، فطبيعة تطوير الوعي السياسي كما أتوقع في المستقبل بعد هذه الانتخابات سوف نواجه صدمة، طبعا هذا الوعي تطور بشكل كبير، بسبب تأثير التواصل الاجتماعي، والأحداث السياسي فالوعي سوف يتطور أكثر.
بالنسبة للمقاطعين فليس سهلا أن يكون لديك قبل سنوات أكثر من سبعين معد وتأتي اليوم وتقاطع الانتخابات، هذا قرار ليس سهلا، لكن من وجهة نظر محايدة وعلمية كيف تفسر هذا القرار، إنه ينمّ عن وعي، بغض النظر عن كون هذا الوعي غير مكتمل أو أننا نختلف معه أو نتفق معه لكنه وعي، وقرار المشاركة في التصويت أيضا وعي، رغم أن هناك من عنده رأي بالمشاركين.
فحتى لو شاركت في الانتخابات فأنت لا تستطيع أن تغير شيئا فيقول لك نعم أعرف ذلك وأعرف أن سانت ليغو 1.7 غير سليم وأعرف أن عتبته الانتخابية مزعجة ولا يمكن الحصول عليها بسهولة وأعرف أن القوائم الصغيرة لا يكون لها دور وأعرف أن الدائرة الواحدة سمحت باستغلال المال السياسي وأعرف رقم واحد على كل القوائم هم زعامات تقليدية لا تسمح بتغييرات شبابية، وأعرف أن الدعاية الانتخابية كانت طائفية وقومية.
لكن أنا اريد أن أدلي بصوتي في الانتخابات، فقرار المشاركة أيضا ينم عن وعي، لذا من وجهة نظري المحايدة، إذا أريد أن أفسر هذا الموضوع من وجهة نظر علمية كلا الموقفين ينم عن وعي، أما موضوع التشكيك نلاحظ في الانتخابات فكان هناك تشكيك في عدد الأصوات وغير ذلك، حتى حصل لدينا نوع من الاستخفاف بالإرادة الشعبية، وسوف نلاحظ في الانتخابات الحالية سنلاحظ قائمة حصلت على 85 ألف صوت سوف تحصل على أربعة مقاعد وهناك قائمة تحصل على 50 ألف صوت أيضا تحصل على أربعة مقاعد.
هذه الإشكالية سوف تثير بالمستقبل أنك لا تحاسبني على عدد الأصوات وليس على عدد الفائزين، وهذا جعل الكتل والمرشحين يطالبون الاحتساب على نسبة الأصوات وليس على عدد المقاعد، وهذه سابقة خطيرة في العملية السياسية أو العملية الانتخابية، فهي سابقة خطيرة جددا، لأننا نتصور أن العملية الانتخابية تنتهي بنهاية يوم الانتخاب، لكن هذا ليس صحيحا، فالعملية الانتخابية ركنها الأساسي النظام الانتخابي وهذا يحدد ما هي الانتخابات فيما بعد.
عملية الانتخابات لا تنتهي في يوم التصويت وإنما تنتهي في أول يوم من انعقاد مجلس النواب وحتى عند هذا اليوم لا تنتهي لأن التحالفات وقضية تشكيل الحكومة ورئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء والبرنامج الحكومي، وفيما بعد التحالفات وطبيعتها التي تعتمد أيضا على النظام الانتخابي، فالعملية الانتخابية لا تتوقف عند يوم 11/ 11/ 2025، بل تستمر إلى حد اختيار رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء والتصويت على البرنامج الحكومي.
وعندما يباشر مجلس النواب عمله، وتستلم الحكومة مهامها بشكل رسمي سوف يكون نظام العملية الانتخابية مكتملا وليس له أي دور ويبقى العمل السياسي، التشكيك بالانتخابات وارد لأن هناك سابقة في انتخابات 2021، وهي سابقة مزعجة صحيح هناك 90 ألف صوت حصل على أربع مقاعد و 50 ألف صوت حصل على أربع مقاعد لكن كانت الدائرة متعددة ويوجد ترشيح فردي وليس هناك سانت ليغو، فحدث فارق، أما سانت ليغو الذي سيحدث سوف تكون الفوارق واضحة جدا.
صحيح عندي 700 ألف صوت وهندي 30 مقعدا، لكن هناك من عنده مليون صوت وحصل على 30 مقعدا أيضا، كيف يحدث هذا؟، هذا الشيء الذي نستطيع أن نستشرفه من خلال عملية الانتخابات ونظام التصويت، أما موضوع التوافق على تشكيل الحكومة والائتلافات داخل مجلس النواب، طبعا سوف يحدث في هذه الانتخابات تطور غريب جدا، وهو يتعلق بقضية غياب المعارضة وغياب التيار الصدري وبعض القوى التشرينية والمدنية يؤشر أن مستقبل مجلس النواب سوف يكون بدون معارضة تماما.
لأنه حتى بعض القوى والقوائم هي جديدة على الساحة وجربت حضها في انتخابات 2021 ولم تحصل على مقاعد مهمة، في هذه الانتخابات سوف لا تحصل على مقاعد أكثر، أيضا بعض المدنيين أو التشرينيين وغيرهم اندمجوا مع قوائم كبيرة وأحزاب تقليدية سوف ينصهرون ضمن سياسة الحزب والكتلة.
لذلك فإن طبيعة المعارضة النيابية داخل مجلس النواب ستكون معدومة تقريبا، وهذا سوف يؤشر سيناريوهات ما بعد تشكيل التحالفات، الجانب الآخر المهم هو قضية التوافق، فالكل يقر بأن الحكومة التوافقية هي شيء سيئ وغير صحيح، لكن نحن في النظم السياسية وفي الحكومات يوجد لدينا أنواع، هناك حكومات ائتلافية أو حكومة الكتلة الأكبر، مثلا كتلتان في مجلس النواب تندمجان يسمح لهما النظام الانتخابي والكتلة التي حصلت أكثر هي التي تتولى مسؤولية السلطة التنفيذية، وهذه تسمى حكومة الأغلبية.
توجد أيضا حكومة ائتلافية، كما موجود في إسرائيل، حيث القوى والأحزاب الكبيرة تأتلف فيما بينها وتشكل الحكومة، والأحزاب الباقية التي لا تشترك وخارج الائتلاف، أوتوماتيكيا تكون في المعارضة، كلك عندنا حكومات توافقية، ماهي؟، هي ليست سبّة، ولا شيء سيّئ على النظام السياسي، الحكومة التوافقية كما النموذج الموجود في النروج حاليا، حيث تشكَّل من كل الأحزاب، التي صعدت إلى مجلس النواب وفق وزنها الانتخابي.
ما هو الفرق بين التوافقية والمحاصصة؟
المحاصصة مختلفة، كيف؟، التوافقية تعتمد عدد الأصوات والوزن الانتخابي، أو وزن المقاعد في مجلس النواب، أما بالمحاصصة فيكون الأمر وفق عدد الأصوات، وأحيانا على عدد المقاعد، ولكن في ست دورات انتخابية لم يكن رئيس الانتخابات هو الفائز بأعلى الأصوات وأعلى المقاعد، الفرق الاخر رئيس الوزراء المكلف هو من يختار الوزراء لتولي الوزارات، الجانب المهم الآخر الوزراء مسؤولين أمام رئيس الوزراء وليس أمام غيره، فالتوافقية بهذا الشكل ليست سيئة، وهناك رقابة نيابية على هذه الحكومة.
التوافقية إذن سوف تذهب باتجاه المحاصصة، وليس باتجاه التوافقية الصحيحة، أما قضية السلطة الصحيحة فهذا غائب عن موضوع السلطة الحقيقية، فالأمر الواضح قبل الانتخابات حاليا السلطة الحقيقية في أغلبها على المستوى الاقتصادي، والأمني هي بيد الفواعل الخارجية أو جزء كبير منها، أو فواعل غير حكومية، مثل الفصائل المسلحة، والميلشيات أو غيرها، هذه الفصائل من 2014 إلى اليوم صار لديها أساسات اقتصادية وامكانياتها الاجتماعية وغيرها، وأصبحت متغلغلة في مؤسسات الدولة، لاسيما الأمنية وحتى الاقتصادية ولديها اقتصادات من خارج النظام الاقتصادي للدولة وتعتاش على النظام الاقتصادي في الدولة.
هذه الفواعل حاليا لديها سلطة، وهي مؤشرة في عملية الانتخابات، فهل ستكون السلطة بيد مؤسسات الدولة حصرا أم سيجري تشكيلها بفواعل من غير الحكومة، وهناك وجهة نظر بسيطة لي حول التدخل الخارجي، الدور الأمريكي والدور الإيراني والدور التركي والدور الخليجي.
طبعا الدور الإيراني من خلال الأحداث التي واجهتها في السنة الماضية وحر الـ 12 يوما وما حصل في سوريا وغيرها، الدور الإيراني سيكون أكثر دبلوماسية في المستقبل وتكون عبر مؤسسات الدولة وليس خارجها، وسوف يكون أقل صخبا وضوضاء، فإيران لا تريد الصدام مع القوى التقليدية التي ترفض وجودها في العراق، وقد لاحظنا هذا الرفض لإيران من 2021 لحد الآن على مستوى الفواعل الاجتماعيين والإعلام وأحزاب سياسية، وأيضا بعض القوى الشيعية التي امتلكت الجرأة لمواجهة الرافضة للوجود الإيراني.
لذلك فإن إيران وفق السنوات التي مضت ومن خلال هذه القراءة لن تتوجه للصدام المباشر مه هذه القوى، وسوف تميل إلى التأثير المؤسسي، وهناك ملفات تجبر الحكومة القادمة للتفاوض مع إيران ملفات الغاز والكهرباء وغيرها، وهناك شبكات سياسية عقائدية داخل السلطة وخارجها، والميلشيات ستبقى ورقة ضغط واستخدامها عند الضرورة.
أما الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد خسارة العراق، ولا تريد النصر في العراق، تريد استقرار يمنع ظهور داعش في المستقبل، وتتغنى على مستوى الأمن أنها نجحت في هذا الموضوع، أي تريد نوعا من التوازن السياسي في الداخل العراقي مضاد لطهران، ونفوذها بالعراق، ومن الجانب الآخر تريد تدفق النفط والطاقة بشكل لا يؤثر على أسواق الطاقة العالمية. وقد تلجأ أمريكا إلى الدبلوماسية الانتقائية، ويمكن أن تعول على كتل سياسية معينة ذات تأثير في العملية السياسية فائزة في الانتخابات وتعمد عليها.
بالنسبة إلى تركيا، لديها مشكلة الحدود وهي تتعلق بحزب العمال الكردستاني وأي جماعة مسلحة بالمستقبل وتستخدم الرهان الاقتصادي عبر طريق التنمية ومياه دجلة والفرات وملف آخر أضيف لها وهو اتفاق بغداد أربيل وتصدير النفط.
دول الخليج العربية تعمل على توظيف ملفات الطاقة والربط الكهربائي والاستثمارات وغيرها، مدعومة بدبلوماسية متوازنة متفائلة باتجاه تصحيح الوضع في العراقي، تريد عراق مستقر ذا قرار عربي.
وفي نهاية الورقة البحثية طرح الدكتور الباحث السؤالين التاليين:
س1: كيف تنظر لاتجاهات التصويت في انتخابات 2025، وما العوامل المؤثرة في الاقتراع؟
س2: هل سيكون لخارطة القوى السياسية بعد الانتخابات، ومفاوضات تشكيل الحكومة دور في تصحيح مسار العملية السياسية في العراق؟
المداخلات:
الدكتور علاء الحسيني أكاديمي وباحث في مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات
إن وقائع ومآلات ما قبل خوض العملية الانتخابية، مآلات لها أهمية كبيرة على مستوى الواقع العراقي والمجتمع العراقي، فاليوم نحن نعيش إرهاصات ما قبل الانتخابات، صراع على شديد بين الأحزاب السياسية، والقوى المتحكمة بالمشهد التشريعي في البلاد، وهناك الكثير من المحاولات للهيمنة على العملية الانتخابية والفوز بأكبر عدد من المقاعد.
بما يضمن لهذه الأحزاب والكتل الاستمرار في نفوذها الذي تعاظم كثيرا بعد انسحاب بعض الكتل مثل التيار الصدري وغيره، وهذا بالنتيجة سر بقاءها في السلطة، ويمنحها أكبر قدر من الامتيازات، الحكومية والتشريعية، لكن يبدو لي أن هناك فعلا الكثير من المؤشرات التي تفيد بأن هناك تغييرا في الوعي السياسي لدى الناخب العراقي وكثير من الأحداث التي أخذت تتسارع، وكثير من الأحداث التي بدأت تتسارع وكثير من المؤشرات التي ظهرت قبل فترة بسيطة مثلا نسب المشاركة لمجلس النواب، حيث أن بعض النواب في بعض المحاضرات كانوا مجرد أرقام وكانوا مجر أحجار دومينو لا يقدموا ولا يؤخروا. هذا الشيء أثر على النائب وعلى جمهوره وعلى شعبيته، ومن الممكن أن يؤثر في انتخابه.
لكن سوف يبقى رهانهم الوحيد هو شراء الذمم ومسألة شراء البطاقات الانتخابية بشكل غير شرعي وغير رسمي وغير أخلاقي أيضا حقيقة، كما أن فوز هذه الشخصيات بمقاعد نيابية هو يضمن استمرارية تصارع القوى السياسية، لكن من مصلحة الشعب العراقي أن يكون هناك استبدال، لا نقول لكامل الكابينة التشريعية ولكن يحدث الاستبدال بنسبة تفوق الـ 50% فبالتأكيد تكون هناك دماء جديدة وهي محرك حقيقي لعمل السلطة التشريعية الذي كان معطلا لحد كبير خلال الدورات الخمس الماضية.
حتى العملية الدستورية والعملية القانونية برمتها كانت معطلة ومتأخرة. ما بعد عملية الانتخابات نأمل من الله سبحانه وتعالى أن يكون هنالك توافق سريع على تشكيل الحكومة حتى تسير عجلة الدولة وعجلة الاقتصاد والمجتمع في البلاد لكثرة الاستحقاقات، وكذلك أيضا التحديات التي شهدتها المنطقة والعراق، ولهذا يبقى هناك أمل يحدونا جميعا ونسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق.
الأستاذ علاء الكاظمي أكاديمي وباحث سياسي
كيف تنظر لاتجاهات التصويت لانتخابات 2025، في الواقع بعد العودة إلى قانون سانت ليغو، أعتقد من الصعب جدا أن تكون هناك نتائج مختلفة، فأعتقد أن نفس هؤلاء الرؤوس سوف يبقون في مناصبهم، وفي أماكنهم ونفسهم سوف يبقون يتحكمون في مسار الدولة، أما الأشخاص الذي سيرشحون معهم، فأكيد أنه إما يعلم بأنه لا قيمة ولا دور له، مثلا الشخص الذي رشح مع هذه القوائم المعروفة الفاسدة ، فهو إما يعلم أو لا يعلم.
وقد يعلم بأنه لا دور له، أو انه لا يعرف ذلك ويطن أنه سوف يكون جريئا ويقف أمام رئيس الكتلة، وطبعا يوجد مسار ثالث، من الممكن أن ينشقوا عن الكتلة التي يدخلون فيها، ولكن هذا أمر نادر، وخصوصا أن هناك نواب أصلا لا قيمة لهم، عبارة عن أوراق يحركونها كما يشاؤون لا أكثر ولا أقل، إلا إذا حدث وعي واتجهت الناس إلى انتخاب القوائم المستقلة التي يوجد لديها برنامج وكذا، ونحن الآن نلاحظ تناميا للوعي خصوصا إذا وجدت مثل هذه القوائم الي لم تكن موجودة سابقا.
لذا في نفس الوقت نلاحظ تنامي هذا الوعي، المستمر من 2003 إلى الآن، ونأمل إن شاء الله خيرا في هذا المجال، أما ما هي العوامل المؤثرة في الاقتراع، فهناك أهم نقطة وهي القضية الطائفية، هناك مبالغة في هذا الأمر ولكن في نفس الوقت هناك جانب حقيقي، فالعراق ليس غالقا لبابه، الآن الخليج ينظر إلى الآن أن العراق يجب أن يكون عربيا، والحكم يجب أن يرجع إلى السنة، الآن خطابات الطرف الآخر هو ليس خطاب لأن هذا الطرف صاحب تجربة.
فهذا الطرف صادق فيما يقول وإذا تمكن سيفعل، وبالنتيجة الشيعي عندما يعتمد هذا الخطاب ولما يخيف الجمهور من هذا الخطاب، فهناك جزء حقيقي منه وليس مبالغا فيه، فالآن هو صاحب ثأر ويريد أن يرجع وهم بالنتيجة أصحاب هدف، وهم ليسوا أشخاص أصحاب أفواه فارغة، بل هم كانوا يطبقون ما يقولون عمليا.
أتصور أن أحد أسباب إعادتهم أردوا أن يسكتوهم، بالطبع هناك مصالح مشتركة بين الساسة، لذلك فإن جزء من الخطاب الطائفي حقيقي.
السؤال الثاني نحن نركز على كلمة واحدة منه، وهي التي نبني عليها الجواب، دور التصحيح لمسار العملية السياسية، فبعد الانتخابات البرلمانية مؤخرا، والعودة إلى سانت ليغو سوف تعيد نفس الرؤوس وهي التي تدير المشهد، والإطار التنسيقي يخطط الآن من هو رئيس الوزراء، فالسؤال كيف يتم تصحيح مسار الدولة، هذا يتم من خلال ما لاحظناه وعشناه سابقا:
أولا يجب أن تكون هناك إرادة من الجهات السياسية وأنها فعلا تريد أن تصلح المسار، أعتقد هذه الإرادة موجودة لأن هذه الإرادة ليس من أجل الشعب، وإنما من أجل مصالحهم، الآن رئيس الوزراء الحالي يريد أن يبقى في منصبه وليس عنده مشكلة إذا استقر العراق، ولكن الخلل أين إنه في الكفاءات، يعني أما هو غير كفؤ أو المحيط الاستشاري غير كفؤ.
فالدولة تُدار بالخبراء والعقول، فعندما يظهر مستشار لرئيس الوزراء بهذا المستوى من الرداءة ويقول نحن لدينا فيديو على زوجة السياسي الفلاني ونحن ننظر أنا ورئيس الوزراء له، فإلى أي مستوى وصل مستشار رئيس الوزراء، ومستشار آخر يسألونه في إحدى القنوات الفضائية أنت مستشار في أي مجال، لكنه لا يعرف ولا يعلم تخصصه الاستشاري، ليس لديه جواب، وعلينا أن نتخيل دولة تُقاد بمستشارين كهؤلاء.
أما الأمانة والنزاهة فهي مشكلتنا وطامتنا الكبرى، فأعتقد أن العوامل الثلاثة التي نركز عليها في بناء الدولة، بصراحة غير متوفرة لدينا، إذا صعدت الوجوه نفسها، وفعلا هي تخطط الآن حتى تدير المشهد.
نحن نأمل أن هذه القوى الجديدة الناشئة أن يلتف حولها الوعي أكثر فأكثر، والحركة الديمقراطية عموما أخذت الوقت، وإذا تنامى هذا الوعي شيئا فشيئا، والناس بدأت تشارك، والنخب بدأت تشارك والوعي بدأ يشارك، فإن شاء يكون هنالك تغيير للأفضل.
الشيخ مرتضى معاش كاتب وباحث ومفكر
أبدأ مما ورد في الورقة حول الانتخابات والديمقراطية، في تصوري إن كل الديمقراطية هي في الانتخابات، وأن كل ما قال عنه من حرية التعبير ومختلف القضايا المنبثقة، هي منبثقة من مخرجات الانتخابات، فأي خلل فيها سيؤدي إلى خلل في الديمقراطية، وهذه كما أتصور نقطة مهمة جدا، فأية ديمقراطية ليس فيها انتخابات صحيحة هي ديمقراطية فاشلة.
وتعتمد الديمقراطية على شيئين مهمين لكي تكون الانتخابات ديمقراطية:
أولا: قانون الانتخابات
فهو مهم جدا بحيث يعطي مخرجات تنفيذية سليمة وصحيحة، تعبر عن التمثيل الحقيقي.
ثانيا: المشاركة في الانتخابات
أنا أختلف مع الأخوة كثيرا في قضية الوعي السياسي للمقاطعين، طبعا أنا أحترم حقهم لكن أنا أعتقد لا توجد لدينا لعبة خارج لعبة الانتخابات، فالمقاطعة تقع خارج اللعبة، ومن يريد أن يلعب خارج اللعبة فهو غير فاهم ما هو معنى اللعبة الانتخابية في رأيي، ولم يفهم ما هو الإطار الديمقراطي الذي يجب أن يعمل به.
فكل اللعبة هي في داخل الانتخابات، وأية مقاطعة هي خدمة لأهداف الطرف الثاني الذي يدخل اللعبة، لذلك أنا لا أتصور المقاطعة وعيا، نعم قد تؤدي إلى إسقاط النظام السياسي وإلى إسقاط الانتخابات، لكن المقاطعة لا يمكن أن تؤدي إلى التصحيح، ولا تسقّط ولا تعمل أي شيء، هي مجرد موقف رمزي، أو رمزية التعبير، ولا تسقط شرعية النظام لأن الانتخابات جارية، لذا أتصور أن الوعي الحقيقي يكون في داخل لعبة الانتخابات.
نحن نمتلك نظاما برلمانيا، ولا نمتلك نظاما خارج البرلمان، لدينا معارضة داخل النظام البرلماني، لذلك فإن لعبة المعارضة هي في داخل النظام البرلماني كمعارضة، لذا نلاحظ المعارضة اليوم هي التي أنتجت قانون سانت ليغو، من الذي أنتج هذا القانون الانتخابي؟، الانسحاب والمقاطعة هي السبب، ومن مكّن الجماعات وجعلهم يتغولون ويصعدون عبر المال السياسي ويشرعون القوانين بهذا الحجم، الجواب هو المقاطعة بمختلف أشكالها.
لذلك هذا ليس وعيا، لأن الوعي يقع داخل اللعبة وداخل النظام الديمقراطي والانتخابات، لذلك في رأيي إنهم يحتاجون إلى فهم هذا الشيء، إلا إذا أراد المقاطع أن يلعب لعبة إسقاط النظام ويقوم بانقلاب على كل العملية السياسية وهذا بحث آخر ولا يمكن أن ينجح مع وجود ما يسميهم دكتور حسين السرحان فواعل إقليمية ودولية ومحلية تمنع هذه العملية.
النقطة الأخرى في قضية ما قبل وما بعد، أظن أن التفاؤل الذي أظهره مقدِّم الورقة تفاؤل جيد، والذي يتعلق بالوعي الذي قد يقلب المعادلة، ونحن لا ندري لأن العالم يتغير الآن، مع افتراض أن هذا النظام السياسي السيّئ لا ينتج لنا تغيير ما، بحيث تكون النتيجة بعد التصويت سيئة جدا، لماذا؟، لأن هؤلاء النخبة المتحكمون لم يفهموا المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية.
أنا سُئِلت هذا السؤال وأجبتهم بهذا الجواب، فالمتغير المحلي يتمثل بصعود هؤلاء الشباب، وهم حتى لو أعطيتهم وظائف بالنتيجة هؤلاء يريدون ما هو أكثر وأكبر من خلال طموحهم، أما المتغير الإقليمي فهو واضح، وهؤلاء المتحكمون لم يقرأوا هذا الشيء، بل استمروا بما سبق.
المتغير الثالث هو المتغير الدولي، لاحظ الآن في أي مكان من الألم هناك حركة جيل z، في أفريقيا في آسيا في أوربا في أمريكا وفي أي مكان في العالم هنالك حركة وتغيرات هائلة وكبيرة يقوم بها هذا الجيل الجديد الذي دخل تقريبا في لعبة الساسة بقوة، فالمتحكمون لم يفهموا هذه المعادلة إذن الذي يخدمهم شيئان وهم: التوازن السياسي الموجود في المنطقة والبحث عن الهدوء وعن استقرار تجارة النقط، فالقيادة الإقليمية اليوم تخدمهم والمهم هو وجود النفط الذي يمول موازنة الدولة ورواتب الموظفين.
وكلاهما غير مضمون، أو بالنسبة للنفط ما سيحدث غير معلوم ما يجري في الأسواق العالمية، في كل يوم كما أسمع أن هناك مؤشرات لفقاعات لشركات التكنولوجيا وغيرها لذلك عائدات النفط غير مضمونة.
والشيء الثاني من يضمن أنه لا يتم إسقاط النظام في إيران؟، من الذي يضمن هذا؟، على سبيل المثال وهم الآن معتمدين على قوة إيران، فهذا حليف استراتيجي قوي جدا، وهذه المتغيرات موجودة ولا يمكن التعويل عليها، فلابد أن يعمل المعنيون في ما قبل التصويت وما بعد التصويت على تصحيح مسار العملية السياسية، بنظام انتخابي جيد، و وجوه جديدة، وروح جديدة، لكي يحافظوا على التماسك الداخلي في البلد.
أقل شيء تحافظ على التماسك الداخلي، حتى بالنتيجة أي متغير اقتصادي إقليمي دولي لا يكون مؤثرا على العملية السياسية، وإلا فإن كل الأمور ستصبح غائمة وغير واضحة في المستقبل، هذا ما يخص ما قبل التصويت وما بعد التصويت.
لذا يجب تصحيح العملية السياسية، لأن الناس الذين لا يفكرون في التغيير، سوف يُفرَض عليها التغيير، وهذه قاعدة عامة، قانون كوني، قانون إلهي وهو قانون في فلسفة التاريخ، وإذا فُرِض عليك سوف تكون نتائجه سلبية جدا عليك.
الأستاذ علي حسين عبيد كاتب في شبكة النبأ المعلوماتية
الملاحظات المطروحة في هذه الحلقة النقاشية كلها في غاية الأهمية، ومن خلال ملاحظتي التي ليست عميقة كما أرى، وإنما هي تهم أي عراقي خصوصا أننا بدأنا نقترب جدا من هذه الانتخابات البرلمانية، لذا فإن ما لاحظته عن قرب، ملاحظة واضحة هي قضية الشباب، بمعنى في الدورات السابقة بصراحة كنت استخدم الإرغام للمشاركة في الانتخابات، بمعنى إنني كنت أرغم أولادي وأصدقائي الين لي تأثير عليهم أو أقاربي لكي يذهبوا للمشاركة في الانتخاب.
لأنه لا طريق آخر في عملية التغيير حتى لو كنا في غابة من الفساد، لماذا؟، لأننا سوف نفقد أهم ما حصلنا عليه من التغيير السياسي وهو التداول السلمي للسلطة، فأي لجوء للتغيير خارج الانتخابات يعني خسارة للتداول السلمي للسلطة، وهذا يعني موت وحروب أهلية وكذا، ونحن في الحقيقة شبعنا من الحروب والحصارات والتدمير.
ما لاحظته في هذه الانتخابات أيضا، هناك مجموعة من الشباب ومنهم أولادي مثلا، الآن ليس أنا من يرغمه على الانتخاب والإدلاء بصوته، وإنما هو مندفع نحو الانتخاب، في السابق كنت أرغمه على ذلك واليوم هو يأتي لي ويطلب مني أن نذهب للانتخاب، ولكن ما هو اشتراطه؟
إنه يشترط انتخاب المرشّح الجيد الذي لا توجد عليه شبهات فساد ويمكن أن يغيّر نحو الأفضل، مثلا انتخاب إشراقة قانون، بمعنى إنه يريد أن ينتخب الإنسان الأفضل، ولديه إصرار على التغيير الجيد، وهذا هو أعظم شيء ممكن أن تبدأ به نقطة التصحيح والتغيير، وعي ممتاز وهم المعتمَد عليهم بصراحة.
أنا أعتقد أن الأعمار التي تعبر الخمسين فما فوق، من المعروف أنه يمتلك الحكمة، وهو ممتلئ وناضج ويعرف الطريق الصحيح، لكن الشاب مع الحماس الكبير ومع الغضب الهائل والنقمة وغيره، ومع كل هذا الخليط يتخذ هذا الشاب موقفا يجب من خلاله أن يصحح وأن يغيّر هذا هو الشيء الإيجابي في هذا الجانب.
الأستاذ محمد علي جواد تقي إعلامي وكاتب في شبكة النبأ المعلوماتية
هذه الورقة فصلت لنا بشكل دقيق عملية الانتخاب، بالنسبة للسؤال الأول حول قضية الوعي الذي أشار له الدكتور الباحث فهو مسألة مهمة بالنسبة للناخبين والشعب العراقي، وما نراه أن ما يتعلق بالسؤال الأول عن اتجاهات الوعي في هذه الفترة اته ليس في الطريق الذي نعتقده نحن، كمتابعين لكي يغير الوضع السياسي أو يدفع نحو اختيار وانتخاب المرشحين.
التغييرات مطلوبة وما أكثرها وما يتعلق بالنظام السياسي من فساد ومحاصصة والوضع الداخلي، بقدر ما أراه بأن الوعي قد يزداد بقناعتنا عن فشل السياسيين لأنهم لا يستطيعون تغيير شيء
والدليل الحكومة الموجودة الآن، وأبسط مثال على ذلك الناس الآن تتابع الأمور، فبلد مثل تركيا وهي تتجاهل سيادة بلد والشعب وحقوقه في قضية المياه، أو ما يتعلق بقضية الأمن في شمال العراق، والحكومة المنتخبة صامتة ولا تتدخل في وضع الحلول.
الحكومة أمامها شعب هو الذي صوت وانتخب، فهذا يعطي انطباعا للناس عن مسؤولية هؤلاء والنواب الموجودون هل تحركوا وضغطوا على الحكومة وأعلنوا رأيهم الجماعي في البرلمان حول هذه الأمور، سواء كانوا سنة أو شيعة، فهذا الوعي واضح عند الناس بأن الموجودين من الساسة لا يتمكنون من القيام بالتغييرات التي يطمحون لها هم.
لذلك فإن أكثر الناس كما لاحظنا ذلك، أكر ما يأملونه من المرشحين أو من المسؤولين هو التعيين والتوظيف، أحد الأمثلة قضية تعيينات العقود التي يتبناها بعض المرشحين ووعودهم للناخبين الشباب بالتعيين، فهي عملية تغرير بالمحتاجين للتعيين، بالإضافة إلى التسقيط المتبادل بين المرشحين ورؤساء بع الكتل، فالناس عندما يلاحظون هذا الوضع يفقدون الأمل بمن يصعد للبرلمان ويمارس التغيير والإصلاح.
حتى التجربة في تشرين أيضا حدث نفس الشيء، وقالوا غنهم يمثلون الشعب والشباب عبر الاحتجاجات، أين حدا بهم المآل؟، إنهم اندمجوا مع الآخرين، ولم يتحولوا إلى قوة فاعلة تقف أما التدخلات الأجنبية وسواها.
بالنسبة للسؤال الثاني، هناك مطالب لتصحيح مسار العملية السياسية، وهذي يدل على وجود أخطاء، وهناك محاصصة وفساد أيضا، فالقوى السياسية إذا استطاعت أن تصحح مسار عملها واستطاعت العمل بمهنية، وبأمانة وصدق، فيمكن أن نعول عليها في تصحيح المسار، أما إذا بقيت الأمور على حالها فلا يمكن أن يتم التصحيح لأن فاقد الشيء لا يعطيه. فالعملية السياسية قائمة على الأخطاء وهناك عمل غير مهني، وغير أمين، مجرد مصالح وتوزيع زيادات وأموال فيما بينهم.
الأستاذ حامد الجبوري باحث في مركز الفرات للتنمية والبحوث الاستراتيجية
إن قضية ما قبل الانتخابات تحتاج إلى أوراق كثيرة، وكذلك م ابعد أيضا يحتاج إلى بحث ونقاش كثير، فعندما نقول ما قبل الانتخابات، فهذا الأمر يتعلق بقضايا اجتماعية وثقافية، وعادات وثقافة مجتمع وجوانب دينية.
لذلك نلاحظ دائما وجود تحشيد عشائري باتجاه معين، كذلك لأسباب دينية، أو لأسباب سياسية، هذه كلها تصب فيما قبل الانتخابات، فكذلك مجرد باتجاه الاختيار السليم، فهو صوت انحيازي وليس مجرد، وهذا أكيد سوف يؤثر على موضوع الانتخابات ونتائجها.
أيضا موضوع الاقتصاد الذي اشير له سابقا، خصوصا أن اقتصادنا ريعي، وأن الدولة تسيطر على الاقتصاد، والأحزاب التي تسيطر على الدولة أيضا تسيطر على الاقتصاد بشكل مباشر، وبالتالي يتم استثمار الأموال باتجاه الدعاية الانتخابية أو لقضايا انتخابية مستقبلية، كما ذكرنا مسألة التعيين أو غيره، فهذا يؤثر أيضا على موضوع الاقتراع وعلى حيادية الصوت وانحيازه، ويؤثر أيضا على الإفرازات الانتخابية في ما بعد الانتخابات.
أما ما يخص ملف ما بعد الانتخابات، وذكر الباحث أمثلة من الدورات الانتخابية في 2010 و 2021، عندما تنتهي الانتخابات ندخل في دوامة تشكيل الحكومة، هل يشكلها الفائز الأكبر أم التحالفات، هل تم حل هذه المشكلة أم لا تزال قائمة؟
الأستاذ أحمد جويد مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات
العنوان جيد وجميل جدا، وأشجع ملتقى النبأ الأسبوعي كي يستمر في هذه الحلقات النقاشية حول الانتخابات والتثقيف لها، لأنها قضية مهم، وتهم الفرد العراقي بشكل كبير، وصار لنا مدة من الزمن نعقد حلقات كهذه وأتمن أن نستمر في ذلك، على الأقل نشكل شيئا ما في تنمية الوعي المجتمعي، كيفهم الناس ما هي الانتخابات وما هي أهميتها، وماذا تشكل في العمل الديمقراطي وعلى مستقبل العمل السياسي في العراق.
العنوان هنا يشير إلى العراق ما قبل الانتخابات، وما قبل التصويت، هناك شيئان أحدهما طبيعي والآخر غير طبيعي، الشيء الطبيعي هو التنافس بين الأحزاب، ففي كل بلدان العالم تجد هذا التنافس ما بين الأحزاب، أحد الاحزاب يشهر مفاسد حزب آخر، وشخص على آخر، ونجد ذلك حتى في أرقى البلدان والتجارب، وقبل فترة استخدم ساركوزي أموالا استعان بها في جملته الانتخابية، وهذه القضايا تحدث مثل قضايا التسقيط فهي موجودة ضمن العمل التنافسي.
لكن الشيء غير الطبيعي قيام مؤسسات الدولة المعنية بالانتخابات على قضية استخدام السلطة والمال العام وشغل المساحات أكبر وعدم تكافؤ الفرص بين الكتل وبين الناخبين، بمعنى ليس كل مرشح يأخذ فرصته كما يأخذها مرشح آخر، وهذا خلاف العدل، وبالتالي يمكن أن تحدّث هذه القضايا بشكل واضح، وتحدد الأماكن وتحدد كل القضايا القانون ولا أحد يتجاوزها، وكل مرشح يتجاوزها يتعرض للعقوبة وأبسطها إقصاءه من السباق الانتخابي.
ما بعد الانتخابات هناك أمور صعبة سوف نشهدها، هل ستتدخل المحكمة الاتحادية، كيف يحسبون مقاعد الكتلة الفائزة، او الكتلة التي تشكل الحكومة، وهل نحن سنشكل الحكومة وفقا للدستور، أو نفس تشكيل الحكومات السابقة ونعود إلى المحاصصة، وكيف سيكون دور الكتلة الأكبر، وهل كل الكتل سوف تشارك في الحكومة، القوى المدنية الواعدة هل يمكن أن تشكل معارضة حقيقية أم تريد جزء من الحكومة أيضا.
هذه القضايا غير واضحة لحد الآن، في المشهد السياسي العراقي، ولذلك يحتاج هذا الأمر إلى أكثر من دورة وأكثر من تجربة، والقضايا الانتخابية واضحة، مثلا هذه الانتخابات، أنها ستفرز نتائج قريبة من الانتخابات التي سبقتها، لكن الاختلاف أتصور أن هناك جهات خارجية سوف تؤثر بهذه الانتخابات بشكل مباشر وخاصة من الولايات المتحدة، ونحن لاحظنا بعد التغييرات في خط المقاومة وتأثيرها في المنطقة وقوة الولايات المتحدة والأطراف الذين معها، ربما نوعما سيكون لهذا الشيء تأثير على تشكيل الحكومة العراقية القادمة.
الأستاذ حيدر الأجودي باحث في مركز المستقبل للبحوث والدراسات
قدمت لنا الورقة البحثية إحاطة رائعة، وهذا ليس غريبا على الباحث كونه أحد المختصين في هذا الشأن، يمكن القول ان اتجاهات التصويت في انتخابات 2025، تسير في ثلاث مسارات:
المسار الأول: المسار الشعبي الاحتجاجي
هذا المسار يتجلى في ضعف الثقة بالمؤسسات السياسية، وأيضا العزوف الشعبي الناقم تجاه هذه المؤسسات، ربما يؤدي إلى عزوف انتخابي، أو تصريف مصاد من أجل عدم فوز القوى التقليدية.
المسار الثاني: المسار الفئوي أو الطائفي
بعض الناخبين يعتمدون على القضايا العشائرية، أو القضية الفئوية أو أصحاب السلطة، يجب العمل على هذه الفئة لكي نعبر المسار الفئوي الخاص الذي يعتمد على الطائفية، وسط غياب البرامج الانتخابية لكثير المرشحين.
المسار الثالث: مسار الإصلاح التدريجي
كثير من الناخبين بدا ينظر إلى الكثير من القوائم من أجل الإصلاح التدريجي، سواء كانت قوائم أو أفرادا، يرى بأن إصلاح العملية السياسية تأتي بالتدريج، وربما يكون هذا صحيحا.
أما العوامل المؤثرة في الاقتراع فهي كثيرة منها وأهمها:
المال السياسي: فهو لا يقتصر على الرشى المباشرة، بل يأتي المال السياسي عبر منظومة قيم او منظومة تأثير ناعمة، من خلال مثلا شراء أصوات كثير من الفقراء في المنطقة يأتون لهم ويشترون أصواتهم عبر تقديم خدمات بسيطة، أي يستغلون العوز الاقتصادي، من أجل منافعهم.
السيطرة على الإعلام والدعايات الانتخابية: فالكثير من المتنفذين في الدولة هم يسيطرون على الإعلام، وهذا يؤثر أيضا على الناخب كما جاء في الورقة البحثية، بأن التأثيرات الاجتماعية تؤثر على الرأي العام، وربما هناك كثير من الشخصيات في البرلمان القادم بعيدون كل البعد عن التشريع أو الرقابة.
التأثيرات العشائرية: يكون لها سلطة في العوامل التي تؤثّر في الاقتراع.
أما بخصوص السؤال الثاني فهذا يعتمد على الكتل السياسية إن كانت تريد إصلاحا حقيقيا عليها أن تخرج من دائرة المحاصصة، وقد شهدت الانتخابات السابقة عدم خروج الكتل السياسية عن نداءات المحاصصة والطائفية وتشكيل حكومات توافقية طائفية، فإن كانت تريد الإصلاح فعلا عليها أن تخرج من هذا الإطار، وربما يكون الخروج صعبا إلا إذا تواجدت كتلة لها نظرة وطنية عابرة للطائفية عابرة للقومية، تسعى لإصلاح حقيقي.
الرهان الحقيقي هو وعي الناخب، وهذا يؤكد أن الناخب هو شريك في المسؤولية، فالرهان الحقيقي على وعي الناخب ونأمل أن يكون الوعي في الاتجاه الصحيح، ويكون شيئا فشيئا في الطريق الصحيح.
الدكتور خالد الأسدي باحث في مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث
رغم الصراعات والصدامات التي حصلت أو ستحصل، ولكن هذا الشيء (الانتخابات) يبشر بخير ويؤكد بأن العراق يسير باتجاه الديمقراطية ولو كان بطيئا، ولكن يسير بالشكل الصحيح طالما ليس هنالك عنف فهو يتقدم نحو الأفضل، أو للديمقراطية الصحيحة وإن كانت بشكل بطيء، من الممكن أن تكون هذه الانتخابات حبلى بالمفاجآت.
ومن الممكن أن تسقط قوائم كان عليها الاعتماد وكانت تدير مجموعة من مفاصل الدولة، فمن الممكن أن تسقط بسهولة في هذه الانتخابات، لأن بعضهم يدخل بقائمة لوحده وكان يظن بأنه سوف يحصل على أكثر مقاعد من الدورة السابقة، ولكن الآن بدأت بوادر التسقيط الفردي للقوائم.
أما كيف تنظر لاتجاهات التصويت في الانتخابات، فهناك عوامل مؤثرة في الانتخابات، فالرجل من بيته إلى صندوق الاقتراع لا يحسم أمره وخياره، فحين يصل إلى الصندوق من الممكن أن يغير رأيه، لذلك هذا السؤال لا يمكن أن نحزره.
أما إجابة السؤال الثاني إذا أرادت الكتل السياسية أن تغير تغييرا حقيقيا، هناك شيء واحد فقط بأن تعطى المحكمة الاتحادية الصلاحية الكاملة، بأن تنتخب هذه المحكمة مجموعة من الخبراء بالقانون ويضعون قانون انتخابي خاص، وهذا القانون لا يسمح للذين وضعوه أن يرشحوا للانتخابات، وهكذا سوف يضعون قانون انتخابي متكامل ينقذ العراق، هذه هي المشكلة، فإذا تبقى الأحزاب هي التي تضع القانون الانتخابي فلا يمكن الإصلاح لأنها سوف تفصل الانتخابات لصالحها، ولا يمكن أن يضع قانون انتخابي بالضد من مصلحته.
الأستاذ حسين علي عبيد أكاديمي
في احتجاجات تشرين 2019 كانت خطوة المرجعية وتوجهها واضح جدا، وتم المطالبة بوضع قانون انتخابات منصف وعادل، وتغير القانون السابق بقانون آخر نستطيع أن نقول إنه جيد، أو حتى جيد جدا، فكان هناك انقلاب كبير جدا في توازن القوى، ومثل الناخبين بشكل واقعي، لكن الناس لم ينتخبوا بشكل صحيح، لكن ذلك القانون أنتج لنا عشرين نائبا فاعلين.
كانت المشاركة في تلك الانتخابات قليلة ولكن نحن توجد لدينا مسألة معينة، فحسب بيانات المفوضية يوجد لدينا 26 مليون ناخب يحق لهم التصويت، لكن في الواقع لدينا 20% من هذا العدد هم نسبة ثابتة ينتخبون الأحزاب التقليدية، هذا يمثل أربعة ملايين ونص ناخب تقريبا، مع انسحاب التيار تقل النسبة فيكون لدينا ثلاثة ملايين ونصف ناخب مشاركين تذهب أصواتهم إلى القوائم التقليدية.
ولدينا مليون ونص إلى مليوني ناخب، هؤلاء سوف ينتخبون الآخرين، وهنا يحدث نوع من التشتيت، فتوجد لدينا عتبة انتخابية ممكن تكون 20 ألف صوت، يعني المرشح الذي يحصل على 19 ألف و999 صوت لا يفوز، لكن من يحصل على 20 ألف وصوت واحج يعني فرص 101 صوت، من الممكن أن يحصل على اثنين وليس واحدا، هذه مشكلة. فهذه النسب وفق قانون الانتخابات لم يقدم لنا تمثيل حقيقي.
أما اتجاهات التصويت وتأثيرها، فما لا يقل عن 50% من الناخبين الأحرار، وهم لديهم حرية الاختيار، ولدينا 20% من الناخبين هؤلاء مؤدلجين، أو ينتخبون بحسب مصالحهم، وهناك 50% لم يقرروا بعد. هنا ستكون عوامل التأثير في الوقت الحالي، لدينا تسريبات الإعلاميين والتسجيلات الصوتية بدأت تؤثر، وهناك بعض الفضائح والبصمات والاتفاقات تؤثر وتسقّط.
لدينا بعض الوثائق والكتب الرسمية التي لم تُعلن وهي قرارات قضائية ممكن يتم نشرها، قبل فترة رأيت منشورا لكنه اختفى ولم يأخذ حقه من الانتشار، أحد المرشحين وهو رقم واحد في قائمة مهمة في كربلاء ظهر عليه حكم قضائي جنائي، صار له خمس سنوات، فإذا هناك إعلام قوي من الممكن أن يسقط هذا المرشح.
يوجد لدينا أيضا منظمة الرصد النيابي لما بيّنت الأرقام فهذا شيء جيد، وأنا متأكد في البرلمان القادم سوف يشترك نواب في المناقشات، ليس من أجل المناقشة، بل يقوم بتسجيل المشاركة من أجل عمل دعاية انتخابية مستقبلا، هذا أيضا جيد لا بأس دعه يحضر ويشارك، لكن أين توجد المشكلة، بعضهم برّر قائلا: نحن نريد خدمة الناس.
إذن يوجد وعي ولكن يحتاج ذلك إلى مدى طويل وبرامج ومراعاة كالبذرة التي يجب أن تسقيها، وإذا نسيت ليوم واحد فربما تحدث مشكلة.
أما السؤال الثاني، لا يوجد لدينا مسار واضح في تشكيل الحكومة، الكل يريد أن يشترك أو تقريبا 90% من النواب يريد أن يغتنم هذه الغنيمة، يعني هذه الكعكة كما أطلق عليها أحد النواب، يقسمونها فيما بينهم، لذا لا يوجد فكر معارض، لحد الآن حركة إشراقة كانون أعلنت أنها لا تشارك في الحكومة، لأنها كما تقول لو شاركت يجب أن تقدم تنازلات.
الآخرون يريدون المشاركة كأنما غنيمة، أنا متأكد من أن الكتل التي يتوقع حصولها على 15 أو عشرين تسأله اية وزارة تريد يقول لك أقبل بأي وزارة، فهو يطالب بوزارتين لكي يعطوه وزارة واحدة، كأنها تقاسم لغنيمة في معركة، أما اختلال التوازنات سيكون واضح وخصوصا الكتلة الأكبر، وهي الكتلة البرلمانية الأكثر عددا، والملاحظ بعد الانتخابات قد تصبح 40 أو حتى الأخيرة إن تشكيل الحكومة سوف يستغرق وقتا طويلا، لماذا لأنه لا يوجد هناك كتل معينة فائزة بوضوح.
ربما أقوى كتلة تصل إلى 50 مقعدا في الانتخابات، لكن بعد الانتخابات قد تصبح 40 أو 30 أو عشرين أو أقل من ذلك، والأمر يأخذ وقتا طويلا، يصل إلى تسعة شهور.
الخاتمة للدكتور الباحث حسين السرحان
كما ذكرنا في بداية ورقتنا البحثية، إن قضية الانتخابات، نحن لا نستطيع أن نتوقع عدد المقاعد بحسب العلوم السياسية لا يمكن أن نتوقع بدقة، لكننا يمكن أن نستشرف الوضع السياسي فيما بعد الانتخابات، أنا في رأيي البسيط أن طبيعة الحكم في الخارطة السياسية التي نتوقعها، من وجهة نظري الشخصية من خلال المتابعة للخبرات والآراء والمقالات العديدة التي كُتِبَت عن هذه الانتخابات أستطيع أن أحصرها في ثلاثة مشاهد مستقبلية.
المشهد الأول ترسيخ الوضع القائم وتعزيزه الوضع الراهن أكثر، وإنشاء حكومة توافقية وفق مبدأ المحاصصة، أو حكومة محاصصة تشمل كل القوى المشارِكة والتي يوجد لها وزن نيابي، ولا يكون هناك تحولات بنيوية أو إصلاحية في هيكلية النظام السياسي. هذا وفق النظرة المتشائمة.
أما النظرة المتفائلة فتقول من الممكن أن تحصل توازنات جديدة بين القوى السياسية وهذه التوازنات مبنية على أي أساس، فهم يعتمدون على تفكيرهم التي تقول بأن هناك قوائم جديدة صعدت إلى مجلس النواب، غير القوائم التقليدية، حيث يعتمدون على هذه القوائم أو على بعض النواب في بعض القوى الكبيرة من تشرين ومدنيين وغيرهم.
هؤلاء ممكن يشكلون حركة إصلاحية داخل مجلس النواب وبالتالي داخل الحكم ويضغطون على الحكومة ومن ثم يعملون وفق رؤية وطنية تحافظ على مؤسسات الدولة وترصّن مؤسسات الدولة باتجاه تحييد الفواعل من غير الحكومة في الداخل، وإدماج الفصائل والجماعات المسلحة ضمن نطاق الدولة.
وهناك رأي متشائم لا سمح الله، أن تكون هناك مشاركة ضعيفة جدا للمشاركة في الانتخابات، وبالتالي حدوث خلافات حادة حول رئاسة البرلمان ومجلس الوزراء، ومن المكن أن يدفع قوى أو مجموعات مسلحة للمواجهة الميدانية، وهنا يكون العامل الخارجي التركي والإيراني عامل مراقب يعمل على تجنب التصعيد، أما الجوانب الأخرى المؤثرة في النظام دول الخليج وتركيا وغيرها يعملون على استعادة التوازن.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!