إن العنف ضد النساء هو نتيجة للتراكمات التاريخية غير المتساوية بين الرجال والنساء والتي أدت إلى الهيمنة والتمييز ضد النساء من قبل الرجال والى منع التقدم الكامل للمرأة , وهذا العنف ضد النساء هو احد الآليات الاجتماعية الحاسمة التي أجبرت بها المرأة على التنازل عن احتلال مواقع متساوية مع الرجل. فالاعتراف بمسألة العنف ضد المرأة والتمييز القائم ضدها مرّ بتطورات تاريخية مهمة وما الاعتراف الدولي لهذه القضية إلا نتيجة لسنوات من العمل على جميع الصعيد والتي من أهمها المؤتمرات الدولية ومواثيق الأمم المتحدة.
هذا ويعد ميثاق الأمم المتحدة الذي اعتمد في سان فرانسيسكو سنة 1945 أول معاهدة دولية تشير في عبارات محددة إلى تساوي الرجال والنساء في الحقوق . إذ ورد في ديباجته ( .... وان نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية ....) كما ورد في المادة الأولى من الميثاق وفي الفقرة (3) منها أن من ضمن مقاصد الأمم المتحدة تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا والتشجيع على ذلك إطلاقا بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء.
وفي سنة 1948 صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ليؤكد ذات المبدأ وهو مبدأ المساواة في الحقوق الإنسانية للرجال والنساء وذلك في ديباجة الإعلان وكذلك في المادة (2) منه.
ثم تلا ذلك اتفاقية غاية في الأهمية بالنسبة للمرأة وحقوقها الإنسانية ألا وهي اتفاقية القضاء على القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1979 ودخلت حيز التنفيذ عام 1981.
وقد أكدت ديباجة الاتفاقية أيضا على مبدأ التساوي في الحقوق بين الرجال والنساء وضرورة تحقيق هذا المبدأ من اجل نمو ورخاء المجتمع والأسرة, وأكدت في المادة (6) من الاتفاقية على الدول الأطراف فيها بأن تتخذ جميع التدابير المناسبة بما في ذلك التشريع لمكافحة شكل من أشكال العنف ضد المرأة إلا وهو الاتجار بالمرأة واستغلال دعارة المرأة.
وقد اتخذت مسألة العنف ضد المرأة مكانا بارزا بسبب عمل المنظمات والحركات النسائية على مستوى القاعدة الشعبية في العالم اجمع.
إن المبادرات المبكرة لمعالجة العنف ضد المرأة على الصعيد الدولي ركزت بالدرجة الأولى على الأسرة. ومما يذكر إن خطة العمل العالمية للمرأة التي اعتمدها المؤتمر العالمي للسنة الدولية للمرأة في مدينة مكسيكو في سنة 1975, لفتت الانتباه إلى ضرورة وضع برامج تعليمية وطرق لحل النزاع العائلي تضمن الكرامة والمساواة والأمن لكل فرد من أفراد الأسرة , لكنها لم تشر بصراحة إلى العنف , غير أن محكمة المنظمات غير الحكومية التي عقدت بالتوازي مع المؤتمر في مدينة مكسيكو , وكذلك المحكمة الدولية المعنية بالجرائم ضد المرأة التي عقدت في بروكسل سنة 1976, أبرزتا أشكالا من العنف ضد المرأة أكثر بكثير من العنف في نطاق الأسرة.
في سنة 1985.عقد المؤتمر العالمي الثالث المعني بالمرأة, المعقود في نيروبي مظاهر متنوعة للعنف كحالة الاعتداء في المنزل , والنساء اللائي يقعن ضحايا للبغاء ألقسري , والنساء المعتقلات , والنساء في النزاعات المسلحة.
وفي سنة 1993 عقد المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في فيينا وتضمن هذا المؤتمر توكيد عالمية حقوق المرأة باعتبارها حقوق إنسان ودعوة إلى القضاء إلى الاهتمام بقضايا العنف القائم على أساس نوع الجنس.
وللان ينال هذا الموضوع اهتمام الدول العظمى ونأمل أن تمنح الحكومة العراقية اهتماما اكبر لهذا الموضوع من خلال تشريع قانون يتعلق بالعنف ضد المرأة وتعديل العديد من القوانين التي تنتقص من قيمة المرأة العراقية وتستهين بها والتي لولا تضحياتها في السنوات العجاف التي مر بها العراق لما كان هناك وجود لدولة اسمها العراق