إن الإعلام سواء كان عاماً او خاصاً يجب ان يكون خالياً من التمييز ودقيقاً وحيادياً في نقل المعلومة لأن المعلومات الكاذبة او المضللة من العوامل التي تهز ثقة الشعب بنظامه السياسي وتفقده شرعيته، لذا يجب أن تلتزم وسائل الاعلام في القطاع العام بالحيادية والتوازن والعدل في عملها خاصةً أن الحكومة وهي تمثل الشعب في الأنظمة الديمقراطية عليها ان تعي ان الاعلام العام هو ملك للمواطنين وهو جزء من الموارد العامة مما يتطلب فيه الأخذ بنظر الأعتبار مصلحة الشعب لاالمصالح السياسية الخاصة المتعلقة بشخص أو حزب سياسي معين، فينبغي للحكومة إدارة الأعلام العام وفق طريقة تحفظ حق المواطنين في الحصول على المعلومات التي يحتاجون اليها ،لكن تغطية الحكومة لنشاطاتها قد يخلق مشكلة معقدة وعسيرة، ففي الوقت الذي يجب ان تزود المنافذ الإخبارية المواطنين بالمعلومات المناسبة حول النشاطات الحكومية المهمة إلا أن مثل هذه التغطية قد تمنح الحزب الحاكم او تحالف الأحزاب التي ترتقي سدة السلطة أرجحية ملحوظة في نقل رسائل سياسية الى المواطنين ومثل هذا التسيس للاعلام امر يتطلب معالجة صحيحة يأتي في مقدمتها وجود اعلاميين محترفين يستطيعون التمييز بين الرسالة الاعلامية والرسالة السياسية في عملهم فلا يقع الاعلام في فخ السياسة ودهاليزها المظلمة.
أما الإعلام الخاص فعليه ايضاً واجب أخلاقي اتجاه الجمهور يفرض عليه تقديم المعلومة الدقيقة وتغطية الاخبار بأسلوب مهني وحيادي ومتوازن بعيدا عن التدخل الحكومي. إلا أن حرية الاعلام الخاص ليست مطلقة حيث من المعروف ان الموجات الهوائية مورد عام إجمالاً، أي لا يستخدمها القطاع الخاص إلا بعد الحصول على
ترخيص من الحكومة والخضوع لدرجة من التنظيم الحكومي مما قد يخلق قيودا حكومية تحد من حريته إلا أن المطلوب هو تمسك الإعلام بحياديته في نقل المعلومة الى المواطن، خاصةً عندما يعجز الاعلام العام في مهمته، كما يجب عليه ان يبتعد ويتفادى التحريض على الشغب العام والعنف والحروب، وليكون الإعلام – عاما او خاصا - حيادياً وحراً ونزيهاً لابد له ان يبتعد عن نشر أو بث أي مسألة من شأنها ان تشجع أو تحرض على الحقد العرقي أو التعصب الديني أو الطائفي أو الحزبي أو الفئوي.. وعدم التمييز بين الأشخاص على أساس عرقهم أو لغتهم أو توجههم الديني أو السياسي أو قدراتهم الجسدية والذهنية، ولابد للإعلامي أن يكون حراً من سلطة أية حكومة أو أية سلطة قد تقيده أو تجعله ينحاز الى جهة دون أخرى، لأنه إذا لم يكن كذلك سيضطر إلى نقل معلومات غير دقيقة فيضلل القاريء او المستمع او المشاهد ويخدعه،فما يميز الاعلام الجيد من الردئ هو الدقة والمهنية، فالإعلام الجيد يتطلب التحقق الى أقصى حد ممكن من المعلومة، وعرض كل الوقائع الضرورية لفهم حدث أو قضية معينة ،حتى وان كانت الوقائع متعارضة مع معتقدات الاعلامي وأحاسيسه الخاصة، فتشويه الحقيقة المتعمد يمكن ان يسمم العملية الديمقراطية ويحرفها عن مسارها الصحيح. وبالانتقال إلى الواقع الإعلامي في العراق نجد ان مؤسساتنا الاعلامية قبل 9 / 4 /2003 خضعت خضوعا تاما ومطلقا لسيطرة الدولة والشخص الحاكم، حيث كان الاعلام يمتاز بانه اعلام مطبل للسلطة وغير معبر عن هموم الشعب فصور العراق بأنه يعيش عصراً ذهبيا في زمن كان لا يجد المواطن فيه لقمة العيش فلم ينجح الاعلام –انذاك- في ايصال المعلومة الصحيحة التي تعد من اهم حقوق المواطن ولم تكن هناك حرية للإعلام رغم نص الدستور عليها لانها كانت مجمدة، أما في ظل الدستور العراقي لعام 2005 فقد جاء النص على حرية الفكر في المادة 38 منه التي نصت على: تكفل الدولة بما لا يخل بالنظام العام والاداب أولاً: حرية التعبير عن الراي بكل الوسائل. ثانيا: حرية الصحافة والطباعة والاعلان والاعلام والنشر. ثالثا: حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون. فنلاحظ إن المشرع العراقي قد ركز على حرية الصحافة بالاضافة الى نصه على حرية التعبير والاجتماع وما يتعلق بها، وحسنا فعل فهذا الأمر ضروري لضمان الديمقراطية وضمان حق المواطن بالحصول على المعلومة، فحرية التعبير تتضمن حرية الوصول الى المعلومة ونقلها وحق كل فرد بالحصول على السجلات والمعلومات التي تحتفظ بها الجهات التشريعية والتنفيذية والقضائية، ومما يؤخذ على هذه المادة مانصت عليه الفقرة الثالثة منها بقولها وتنظم بقانون فهل قصد المشرع ان القانون سينضم فقط هذه الفقرة ام المادة بأكملها. أما المادة 40 من الدستور فقد نصت على ان حرية الاتصالات والمراسلات البريدية والهاتفية والالكترونية وغيرها مكفولة ولا يجوز مراقبتها والتنصت عليها اوالكشف عنها إلا لضرورة قانونية وأمنية وبقرار قضائي، والمادة 103 من الدستور/ أولاً أشارت إلى إن هيئة الإعلام والاتصالات هيئة مستقلة وهي ضمانة اخرى من ضمانات حرية الإعلام، إلا إننا لا نلاحظ بين نصوص الدستور ما يضمن حرية الإعلاميين من الاعتداءات اليومية التي يتعرضون لها ولابد ان يشار في صلب الدستور الى ذلك وايلائه اهمية خاصة بالاضافة الى تعويضهم عن الاضرار المادية والمعنوية التي يتعرض لها الصحفي اثناء تادية عمله وحماية المؤسسات الاعلامية وضمان استقلالها، او ان ينص على هذا بقانون خاص تصدره السلطة التشريعية، فالنهوض بالدولة العراقية الجديدة ونجاح مسيرتها السياسية يتطلب وجود سلطة رابعة حقيقية غير مهمشة تتمتع بكافة الضمانات الضرورية لعملها وتتصف بالمهنية التامة.