آليات تنويع الموارد المالية في العراق - حلقية نقاشية

55802016-02-28
انخفاض مستوى اسعار النفط له انعكاسات وتداعيات اقل ما يقال عنها بانها أربكت السياسيات الاقتصادية العراقية، بسبب أن العراق يعد مصدره الاساسي والوحيد هو النفط، هذا مما يحتم على فقهاء المذهب الاقتصادي مراجعة الاولويات والسعي الى رسم استراتيجية مدروسة لتنويع مصادر الدخل المحلي. ففي سياق هذا المعنى عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية حلقته النقاشية الشهرية تحت عنوان (آليات تنويع الموارد المالية بالعراق في ظل انخفاض أسعار النفط) يوم الاحد الموافق 8/2/2016 بمشاركة مجموعة من الأكاديميين والباحثين والمهتمين بالشأن الاقتصادي وإعلاميين. افتتح الحلقة الدكتور حيدر حسين آل طعمة التدريسي في جامعة كربلاء، والباحث في مركز الفرات وقد عرض تفاصيل الوضع القائم وما تعانيه ادارة الدولة الاقتصادية من تشوهات وعجز كبير في اصول تمويل الموازنة العامة، وما يترتب على ذلك من اجراءات تمس الواقع الحياتي للفرد العراقي. ولأجل استيعاب هذا الفهم وبلورة رؤية نموذجية تمت استضافة كلا من التدريسي الدكتور محمد ناجي محمد والتدريسي الدكتور سرمد عبد الجبار الخير الله من جامعة كربلاء كلية الادارة والاقتصاد، في مركز الفرات لمناقشة ورقتيهما المتعلقتين بدراسة ابرز السبل البديلة لتلافي هبوط الايرادات النفطية وما هي امكانيات العراق من اجل تفادي الوقوع بكارثة بأزمة مالية وركود اقتصادي عميق؟ العراق يعد سابع دولة في العالم لما يمتلكه من ثروات الدكتور محمد ناجي محمد اشار في ورقته البحثية الى حقيقة ((التدابير المالية في تمويل الموازنة في العراق)، خاصة وان الخاسر الوحيد في تلك المعادلة هو المواطن البسيط، وان عمليات بناء الاقتصاد العراقي كانت ولا زالت تسير وفق الاعتماد على الموارد النفطية كمساهم اول ورئيسي في تمويل الموازنة، والغريب ان العراق وفي ظل تلك السياسات المالية يعد سابع دولة في العالم بالنسبة لما يمتلكه من مصادر وثروات طبيعية منها الفوسفات الكبريت الغاز الزراعة الزئبق الابيض الزئبق الاحمر الطاقات البشرية ووفره في المياه ومصادر اخرى. اضاف ناجي، السياسية الاقتصادية للبلد وخلال عشر سنوات سجلت عوائد نفطية قيمتها الف مليار دولار خلال الفترة المنصرمة، الا ان البرنامج الحكومي عجز عن تبويب تلك المبالغ بالشكل الصحيح، بل على العكس من ذلك كانت الية عمل الدولة تتركز حول نقطة معينة وهي توزيع تلك العوائد النفط، لذا العراق اليوم ونتيجة تلك التراكمات وعدم وجود استراتيجيات مالية منضبطة يمر بمحنة الركود الاقتصادي وهناك عجز واضح في الدخل. ويضيف: ومن خلال ذلك المنطلق كان لابد ان نفكر في كيفية سد العجز وايجاد موارد مالية مضافة لسد العجز الحاصل في الموازنة، وان تضع الحكومة خطط انية ومتوسطة وبعيدة الاجل، تبدأ بتنمية باقي القطاعات من مثل القطاع الزراعي والصناعي وقطاع السياحة الدينية، وهذا القطاع الأخير من القطاعات المهمة والحيوية فيما لو استثمر بشكل علمي، اذ سيدر على البلد عوائد اقتصادية كبيرة وكبيرة جدا، الى جانب ذلك هذا لا يعني ترك القطاع النفطي، بل لابد ان ننمي الصناعات المرتبطة به، كصناعة الصلب والالمونيوم والبتروكيمياويات والمشتقات الاخرى التي تدخل في هذه الصناعة. ونسعى ايضا الى خلق حالة من الترابط بين مخرجات القطاع الزراعي ومدخلات القطاع الصناعي، وحين ذلك لابد ان نوفر رأس المال كي نطور كلا القطاعين الزراعي والصناعي ،وهذا يتحقق من خلال القروض الخارجية من صندوق النقد الدولي والجهات المانحة هذا من جهة، ومن جهة اخرى ان تستثمر تلك القروض بالجانب الاستثماري وليس الاستهلاكي، ومن بين الحلول ايضا فتح مشاريع صغيرة وكبيرة خدمة للقطاع الصناعي، وعندها سوف نوفر فرصة تشغيل اليد العامل ونحقق ايضا السوق غزارة في المنتج، وبالتالي سنغلق الباب امام عملية تهريب العملة الصعبة الى الخارج. ويكمل الدكتور ناجي: وهناك خيارات اخرى منها وجود الضرائب المباشرة وغير المباشرة، الاولى تفرض على اصحاب الدخول وبما يتناسب مع مدخولاتهم وتفرض على الجامعات والمستشفيات الاهلية، اما الضرائب الغير مباشرة فهي التي تطال السلع والخدمات، ويمكن ان نلجئ الى مبدأ الخصخصة على بعض المشاريع المتلكئة فالقطاع الخاص قطاع غني، ويمتلك امكانيات ادارية ومالية تفوق قدرة الدولة، وعند تفعيل هذا القطاع سيدر على البلد زيادة في الناتج القومي وينمي قدرات الفرد المالية وينشط جميع القطاعات سواء كان في الجانب الصناعي او الزراعي او السياحي. الاصلاح الاقتصادي ينشأ لتقليل حجم الاختلالات والتشوهات التي تحصل بالهيكل الاقتصادي من جانبه اكد الدكتور سرمد عبد الجبار الخير الله في ورقته البحثية على (اليات الاصلاح الاقتصادية وسبل معالجة عجز الموازنة) " فقال: بداية ان سر عجز الموازنة العامة ليس وليد هذه الفترة، بل جميع الموازنات في العراق بعد تغير النظام اعدت بعجز، اصل فكرة الاصلاح الاقتصادي تنشأ لتقليل حجم الاختلالات والتشوهات التي تحصل بالهيكل الاقتصادي وهذا مما ينعكس على الاداء الاقتصادي، واقعا الاقتصاد العراقي يعاني من هذه المشكلة وهي الاختلال الهيكلي خاصة وان العراق يعتمد بالمجمل على الايرادات النفطية، وان تلك الايرادات غير ثابتة وهي عرضة لتقلبات السوق العالمية وبالتالي اصبح الاقتصاد العراقي غير مستقر بسبب تذبذب اسعار النفط. وهنا اقتضت الضرورة تفعيل السبل البديلة لخلق ايرادات اضافية تمول الموازنة، وقد اشار الاقتصاديين الى شيء لافت كون الموازنات العراقية وعلى طول الفترة المنصرمة، تقر بعجز الا انها نهاية السنة يكون فيها فائض الا ان ذلك الفائض لا يتم استثماره بطريقة صحيحة، فهناك على سبيل المثال سياسة مالية وهي التثبيت او اتباع اسلوب المثبتات التلقائية وهذه الايرادات تستند على العوائد النفطية كتمويل لعجوزات الموازنة ومعالجة المشاكل، الا ان الاقتصاد العراقي لم يستثمر تلك السياسية بسبب عدم وجود الكوادر المؤهلة لدراسة الوضع الذي يمر بها الاقتصاد العراقي. ويضيف الدكتور سرمد: وكان العراق يعتمد على قطاع النفط بشكل مباشر وكانت القطاعات الاقتصادية فاعلة ويمكن ان تفعل، فيما لو استثمرت الفوائض المالية في تشغيل هذه المصانع والمعامل على اساس خلق التشابك القطاعي، وهذا ما من شانه ان يقضي على اي حالة طارئة ممكن ان تحصل في العراق، اكيد اللجوء دائما يكون الى صندوق النقد الدولي او الى البنك الدولي في تمويل ومعالجة الاختلالات، وهي من الحلول السريعة والمستعجلة وقد يترتب على ذلك حزمة من الاجراءات منها اتباع سياسية التثبيت الاقتصادي، والقضاء على العجز في موازين المدفوعات ووجود بنية انتاجية، الشرط الاخر هو رفع الدعم عن السلع وتخفيض عجز الموازنة. ويضيف: هذه الحلول في جزء منها سلبي حيث يتركز عند نقطة رفع الدعم عن الكثير من السلع الاساسية وبغض النظر عن عدم قدرة الفرد على تحمل تلك الاجراءات، خاصة وان مستويات الدخل للفرد هي في الاساس منخفضة، الجزء الايجابي يحاكي معالجة الاختلالات الانية والقصيرة، البنك الدولي هو الاخر يعتمد سياسية التكيف الهيكلي وهي مشروطة. ويكمل: ما بين الحلول المطروحة الاخرى لسد عجز الموازنة هي خفض الانفاق العام المتعلق بالجانب الاستهلاكي وتعزيز الانفاق الاستثماري، وعلى غرار تلك التقديرات عمدت الدول العراقية الى خفض الانفاق بكل الاتجاهات مما أثر على حركة النشاط الاقتصادي وسبب ركود وكساد اقتصادي ملحوظ، دعوات مشابهه تركز على دور الجهاز الضريبي وتنمية القطاعين الزراعي والصناعي. المداخلات والتعقيبات المداخلة الاولى كانت للدكتور خالد العرداوي مدير مركز الفرات حيث اكد على ضرورة الاستفادة من القطاعات الاخرى كالزراعة والصناعة والسياحة، سيما وان الكيان الغاصب لفلسطين ورغم مساحته الضئيلة نسبة للعراق، الا انه مكتفي غذائيا ويصدر المنتجات الزراعية لكل دول العالم حتى العراق، ومن مصادر الدخل القومي اضافة للصناعات الحربية السياحة ففي العام 2012 كان عدد السواح ثلاثة مليون سائح، وهذا الرقم يعتبر مصدر من مصادر الناتج القومي، اضف الى ذلك انا اناشد صناع القرار السياسي في العراق ان يعملوا على الاستفادة من الخبرات الاكاديمية العراقية، الى جانب ذلك اكاد اصف العراق دولة غنية بمواردها وفقيرة في سياساتها، كما اني لا اتفق مع فكرة الاقتراض من صندوق النقد الدولي خاصة وان العراق لم يستطع استثمار الف مليار دولار فكيف يستثمر مليار او مليارين. شجاعة القرار السياسي الاستاذ عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل اشار الى مفصل مهم كون مساحة النقاش الجاري الان هو من اجل محاولة الخروج من عنق الزجاجة، وليس اعادة الدولة الى غناها بل عبور هذه المحنة التي تعصف بالبلد سواء على الصعيد الامني او الاقتصادي، وان المسألة بالمجمل تعتمد على شجاعة القرار السياسي، خاصة وان النخب السياسية على اطلاع كامل بمجموعة الحلول المطروحة، الا ان جزء من تلك الحلول تتعارض مع مشاريعهم الاقتصادية وان جزء من بقائهم الانتخابي مرتبط بها، سؤال اود طرحه لماذا هناك انقطاع وفجوة بين الطاقات التجارية والطاقات الاكاديمية. دعوة المرجعية الشريفة لرفض المفسدين الدكتور احمد المسعودي باحث في مركز الفرات: وهو يرمى الكره في ملعب المرجعية الشريفة ودعوتها الى رفض المفسدين وسراق المال العام، لان اولئك هم سبب خراب العراق امنيا واقتصاديا وان استمرار وجودهم سيزيد الطين بله. ما هو سر انشغال العراق بالقطاع النفطي دون باقي القطاعات الصحفي عصام حاكم تساءل عن موضوعة المشرع الاقتصادي العراقي والارادة السياسية العراقية سواء كانت في السابق او الان، ما هو سر انشغال العراق بالقطاع النفطي دون باقي القطاعات كالفوسفات والكبريت والغاز والزراعة والصناعة والزئبق الابيض والاحمر وموارد اخرى. الحكومة هل تدرس وتتهىء للخطوة الثانية الاعلامي عدي الحاج عضو اتحاد الوكلات العراقية وهو يستفسر عن طبيعة السلوكيات الحكومية بعدما عاشت تلك الدولة الازمة المالية الخانقة، فهل تدرس وتهيئ للخطوة الثانية كان يكون النظر بشكل مركز نحو باقي القطاعات، من اجل استيعاب ازمة اسعار النفط اما لا؟ الاموال المجمدة العائدة للنظام السابق والاموال المودعة الان لرموز الحقبة الحالية الاستاذ حمد جاسم محمد باحث بمركز الفرات ثمن من جهته ما اورده الاساتذة حول آليات تنويع الموارد المالية في العراق، سيما الاعتماد على القطاعات الاخرى الصناعية والزراعية والسياحية، والغريب ان الورقتين لم تتعرضان الى موضوعة الاموال المجمدة العائدة للنظام السابق والاموال المودعة الان لرموز الحقبة الحالية، كذلك بيع اموال الدولة واستقطاع الرواتب هل هذا يحل الازمة ام يعمقها؟. تطبيق قانون الاصلاح الزراعي الذي اقر في زمن الزعيم عبد الكريم قاسم من اجل تطوير الزراعة الاستاذ باسم عبد علي باحث في مركز الفرات ركز على حقيقة تطوير القطاعات الأخرى كالصناعية والزراعية، فكيف تتطور الموارد الزراعية والاستيراد قائم على قدم وساق، وفي نفس الوقت كيف تتم الدعوة الى تطوير الموارد الصناعية والبلد غارق بالمنتجات المستوردة من خارج الحدود؟ الاستثمار كيف يتم ذلك الاستثمار والقضية القانونية بالبلد مربكة؟ ونحن ايضا نحاول معالجة الوضع اقتصادي والوضع الاقتصادي هو جزء من منظومة دولة قانونية وسياسية، وهذه المنظومة لا تمتلك ركائز النجاح؟، هل يمكن تطبيق قانون الاصلاح الزراعي الذي اقر في زمن الزعيم عبد الكريم قاسم من اجل تطوير الزراعة؟. الاستاذ حيدر الربيعي عضو الهيئة الادارية لمؤسسة صدى القيثارة ومعاون مدير الهجرة والمهجرين في كربلاء أوجز مداخلته بالأسئلة التالية: ما هي طبيعة السياسة الاقتصادية في العراق هل نحن نتبع سياسية رأسمالية اشتراكية ام مزيج ما بينهما؟، ما هي الاسباب الحقيقية للانحدار الحاصل في السياسية الاقتصادي هل هي بسبب التشريعات السياسية اما بسبب غياب الكفاءة؟، ما هي الحلول العاجلة او المتوسطة للإنقاذ السياسة الاقتصادية التي تمر بها البلاد؟ اما ما يخص عملية الاستثمار في العراق وعلى الرغم من وجود العديد من الهيئات وبجميع المحافظات العراقية فلا أثر لها في العراق فما هي الاسباب الحقيقة؟ الشيخ جاسم الشمري مدير مركز الدراسات والبحوث في محافظة كربلاء المقدسة حاصل على شهادة الماجستير تحدث قائلا، بان الورقتين اكدتا على ضرورة دعم القطاعات الانتاجية الاخرى، وهذه القطاعات ومنذ العام 2005 والى الان المبادرة الزراعية موجودة، القروض والمشاريع الصغيرة موجودة، دعم القطاع الخاص، السؤال الأول: اذا كانت هذه الية الدولة تعمل بها منذ عشر سنوات ولحد الان، هل فشل هذه الالية نتيجة ضعف هذا القطاع، هل القطاع الخاص في العراق متهالك وخاوي وغير قادر على النهوض كقطاع خاص، والدليل ان الازمة الاقتصادية اثرت حتى على القطاع الخاص، القطاع الخاص في العراق هو الاخر يعتمد على الدولة؟. السؤال الثاني الدولة في الوقت الحاضر ذهبت الى الية الدفع بالآجل هل ان الذهاب لهذا الخيار فيه معالجة لعجز الموازنة أم انه يزيد العجز؟ السؤال الثالث فيما يخص الحكومات المحلية نرى ان قانون المحافظات الذي اعطى صلاحية استيفاء وتعديل الرسوم وبعض الأجور الا ان الحكومات المحلية فشلت في تفعيل هذا الموضوع لماذا؟ هذا وقد أجاب الباحثان على مداخلات واستفسارات وأسئلة الحضور وخرجت الحلقة بمجموعة من التوصيات التي تركز على ضرورة تنويع مصادر الموازنة واستثمار جميع الموارد والاعتماد على الثروات الطبيعية الأخرى. وفي الختام قدّم رئيس المركز الدكتور خالد العرداوي شهادة شكر وتقدير لكلا الباحثين لجهدهما في اعداد تلك المعلومات والحلول.
التعليقات