الضربات الروسية على الارهاب في سوريا وأثرها على التطورات الامنية في العراق

تحركت روسيا وبقوة باتجاه ضرب مواقع الارهابين في سوريا ، رافق هذا التحرك ترحيب اممي ، واقليمي ، وشعبي في المنطقة ، وبغض النظر عن الاهداف الغير معلنة للروس في هذا التدخل ، الا ان العمل العسكري سوف يحقق بأي شكل من الاشكال قطعا جيوسياسيا بخصوص امتدادات الارهابين في العراق ، وسوف يخلق فراغا استراتيجيا بالإمكان ان يزعزع ويربك وجود تنظيم داعش في الموصل ، وقد لاحت بشائر هذه العمليات في قاطعي الانبار وبيجي ، حيث ان كلا القاطعين شهدا تقدما ملحوظا ، وتقدمت خلال ذلك القوات الامنية محرزة انتصارات كبيرة على الارهابين. هناك أبعاد استراتيجية تقف وراء هذه التطورات، ساهمت في ترسيخ عمل القوات الامنية في العراق، اهمها تدمير روسيا لأغلب خطوط الامداد التي كانت ولا تزال تعتمد عليها داعش من حلب ودير الزور، والمناطق الحدودية السورية العراقية ، فظلا عن منطقة الجزيرة والبادية الشمالية الغربية ، والتي تشهد نشاطات ارهابية تتضمن تجنيد الارهابيين ، وبناء معسرات التدريب ، التي مثلت منطقة عمق استراتيجي لداعش في قضية الإمداد بالمقاتلين الاجانب المدربين على حرب المدن. الاهم من كل ذلك لقد وضعت العمليات الروسية الدقيقة على مواقع الارهابين ، الولايات المتحدة الامريكية في حرج كبير في المنطقة ، وجعلت من امريكا تدخل طرفا دبلوماسيا في الازمة بعدما كانت تتبنى الحرب المباشرة ضد الجيش السوري وترجح من وجود اغلب الفصائل المسلحة خصوصا الفصائل التي تقاتل النظام السوري ، كما وساهمت العمليات الجوية الروسية في تبريد الساحة اقليميا ، وتنسيقها مع تركيا وضع تركيا في موقف حرج جدا ، لان الضربات والاتفاقات والتنسيقات بين القوات الجوية الروسية والاتراك ، جعل من الموقف التركي أكثر انضباطا في التعامل مع الملف الامني في العراق وسوريا وربما نقلها من مرحلة الشغب التركي السابقة الى مرحلة جديدة تحمل بوادر السيطرة على هذه العصابات من قبل الدول الاقليمية والدولية المشاركة في العمليات العسكرية ضد الارهاب ، والمرتقب ان تتمخض عن ذلك قائمة بالدول التي سوف تساهم بالحلول العسكرية أو تقديم المساعي الدبلوماسية ، خصوصا الدول التي أشركتها مجموعة جنيف 2 كجزء رئيسي من الحل للأزمة السورية ، المهم للعراق من كل ذلك هو اشراك الدول في الحل السوري سيدفعها الى تبني موقف موحد ومحدد من الارهاب في المنطقة وهذه القضية ستنعكس ايجابا على الوضع الامني في العراق ،قضية ضبط السلوك السياسي التركي واشراكه في الحل الامني سيدفعها لاتخاذ موقف موحد ومحدد من قضية وجود الارهاب في الموصل وربما سيساهم في عملية الحصار المرتقب للموصل بغية طرد العصابات الارهابية منها. تشكيل غرفة العمليات المشتركة (العراقية - الروسية - السورية – الايرانية ) سوف يسهم اسهاما فاعلا في دعم حركة القوات الامنية العراقية باتجاه الاهداف المطلوبة ، لان غرفة العمليات المشتركة تسعى الى تتبع الارهابيين ، والبحث عن مصادر تمويلهم بالمال والسلاح والمؤن الغذائية اللازمة لبقائهم ، والمناطق الرئيسية التي يتواجدون بها متخذين منها مقرات قيادة . وربما ستساهم المساعي الدبلوماسية ، المتمثلة بموقف الامم المتحدة، ومجلس الامن الدولي اجمالا من تفاقم الأزمة في الشرق الأوسط ، في تقليص وجود داعش ، وجعلها تفقد مناطق عديدة ومهمة لها في العراق وربما هناك علاقة بين هجرة الآلاف الى اوروبا وظهور بوادر انفراج في الازمة الشرق اوسطية ، بمعنى ادق خشية اوروبا من تحول او انتقال الارهاب اليها عبر المهاجرين الذين اجتاحوا اوروبا الوسطى والشرقية ، المهم للعراق في ظل الوضع السياسي والدبلوماسي الجديد هو تحول القوات الامنية العراقية والحشد الشعبي بعد ان انحسر وجود داعش في مناطق عراقية عديدة الى قوة مهاجمة بعدما كانت قوة مرابطة على الحدود مع مناطق تواجد العصابات الارهابية . أثرت الضربات الجوية الروسية على تجفيف الجبهة العراقية من خلال مغادرة الإرهابين الأجانب من العراق الى سوريا ، او العودة الى بلدانهم حسبما تؤكده المخابرات الروسية الـ (K- J- I ) ، الأمر الذي أحدث انشقاقات عديدة في صفوف داعش وهناك مؤشرات تؤكد بقاء الارهابيين المحليين او بعض الارهابيين الثانويين من جنسيات عربية ، وهؤلاء كانوا ضمن الجيل الثاني عراقيا ، خامس دوليا ، في تصنيف المخابرات الوطنية والروسية وهذا الجيل يبحث عن قيادات شابة جديدة ، هذه القضية بعد مغادرة القيادات التي كانت مسيطرة على زمام الامر في المناطق التي وقعت تحت سيطرتهم ، وسوف يسعون الى السيطرة ،لا وسوف تحدث انشطارات وانقسامات وانشقاقات بفعل مؤثرات هذه العوامل الامر الذي سوف يعزز موقف القوات الامنية العراقية والحشد الشعبي باتجاه تحرير كل الاراضي العراقية من دنس الارهاب . انضمام الاردن، خصوصا بعد ان نجحت في اجبار المتطرفين والارهابين الذين كانوا يؤثرون على القرار الاردني في مواجهة الارهاب ، الى مغادرة الاردن باتجاه سوريا والعراق الى التحالف الاقليمي ربما سوف يسهم مساهمة فاعلة في ردم الفراغ الحدودي على طول الخط الاردني العراقي ، وربما سوف يساهم في تعزيز الحصار الامني المفروض من قبل الطيران الحربي العراقي على وجود العصابات الارهابية في الصحراء الغربية للعراق . الازمة الكردية سوف يكون تأثيرها الايجابي كبيرا على الوضع الامني الداخلي العراقي ، اذ ان انشغال مسعود برزاني بالصراعات الداخلية التي يشهدها الاقليم ، يعني غياب المزايدات السياسية وربما غياب مفاجئ للتناحرات بين الكتل السياسية ، او اختفاء عراقيل التأخير على المناطق المسماة بالمتنازع عليها وهذه النقطة بالذات ستساهم في وحدة الرأي بخصوص الحرب على الارهاب . اجمالا ان ما تسببت به تداعيات اعلان روسيا الحرب المباشرة على الجماعات الارهابية في سوريا ، حرك القوى الدولية والاقليمية ، باتجاه اتخاذ موقف محدد من الارهاب وساهم في كشف الاقنعة عن السياسات الخارجية الامر الذي سهل عملية التعامل معها ، فظلا عن قطع خطوط الامداد ، والاستهداف والتتبع المباشر للقيادات الارهابية في المنطقة ، فظلا عن تشكيل غرفة العمليات المشتركة ، وعقد التحالفات الدولية والاقليمية ساهم وسوف يساهم في زعزعة وجود العصابات الارهابية في العراق الامر الذي سوف ينعكس ايجابا على الاوضاع الامنية والسياسية في العراق .
التعليقات