المؤسسات واداء الاقتصاد

هناك علاقة وثيقة بين المؤسسات واداء الاقتصاد، حيث يتأثر الاقتصاد سلباً وايجاباً بمدى فاعلية المؤسسات وانضباطها.

حينما تغيب المؤسسات الفاعلة والمنضبطة في اداءها يعني تعرض الاقتصاد لضغوط شديدة تمنعه من التفاعل والسير بشكل حقيقي وسلس والنتيجة استمرار المشاكل الاقتصادية.

ماذا نقصد بالمؤسسات؟

الجهات التي تعمل بشكل مهني بعيداً عن مزاجية المدير والرئيس وبعيداً عن التدخلات الخارجية سواء كانت من المؤسسات الاخرى أو من خارج البلد.

هذا لا يعني عدم وجود تكامل بين المؤسسات الموجودة في داخل البلد، كما لا ينفي التعاون مع المؤسسات المماثلة خارج البلد من أجل الارتقاء بعملها بشكل مواكب.

إذ إن مهمة المؤسسة التشريعية تشريع القوانين ومراقبة تنفيذها وهنا يجب أولاً أن تعمل على انجاز القوانين بشكل مهني موضوعي بعيداً عن الاهواء والعواطف والأمزجة، ثم يأتي دور المؤسسة التنفيذية لتأخذ القوانين التي اصدرتها المؤسسة التشريعية وتعمل على تنفيذها، وهذا هو التكامل بين المؤسسات وكذا الحال بالنسبة لبقية المؤسسات.

هناك الكثير من المؤسسات التي يتطلبها الاقتصاد لضمان سيره بشكل سلس ولكن أبرز هذه المؤسسات هي:

المؤسسة التشريعية

تأخذ هذه المؤسسة على عاتقها مهمة تشريع القوانين، سيما الاقتصادية منها؛ ومراقبة تنفيذها وحينما تتصف هذه المؤسسة بالاستقلالية والمهنيّة سيتم انجاز قوانين جيدة ويتم مراقبة تنفيذ هذه القوانين بشكل نزيهة بعيداً عن المجاملات والمحاباة.

المؤسسة التنفيذية

حيث تأخذ هذه المؤسسة على عاتقها مهمة تنفيذ القوانين التي اصدرتها المؤسسة التشريعية، وحينما تتصف هذه المؤسسة بالاستقلالية والكفاءات سيتم ترجمة القوانين على ارض الواقع بعيداً عن الضغوطات وبأسرع وقت وبأقل الكلف.

المؤسسة القضائية

تأخذ هذه المؤسسة على عاتقها مهمة بالفصل في النزاعات، وإذا ما كانت هذه المؤسسة مستقلة وتعمل بمهنية بعيداً عن الميول والاتجاهات عندها ستكون احكامها عادلة منصفة أي انها ستحمي الحقوق من الضياع وتردها لأهلها، وهذا مؤشر أمان واطمئنان للمستثمرين من عدم ضياع رؤوس أموالهم إذا ما تعرضوا لنزع ما مع الدولة أو مستثمرين آخرين أو مواطنين.

المؤسسة الأمنية

هي المؤسسة المسؤولة عن منع استخدام العنف وتحقيق الأمن، وكلما تكون هذه المؤسسة مهنية تعمل على تحقيق هذه الوظيفة فحسب ولا تنفذ توجيهات المؤسسة التنفيذية إذا ما كانت خارج وظيفتها الرئيسة (منع العنف وتحقيق الأمن) وهذا عامل مهم بالنسبة للمستثمرين لان استثماراتهم ستكون في مأمن من أي مُصادرة واعتداء، وهذا ما يشجعهم على الاستثمار.

المؤسسة الاعلامية

تتولى المؤسسة الاعلامية مهمة نقل المعلومات والحقيقة كما هي، وهذا المهمة تستلزم وجود الحرية الكافية والاستقلالية بعيداً عن تأثير السلطة والمصالح الضيقة، وان اداء مهمتها كما ينبغي يعني انها تحارب الفساد وتقوّم اداء المؤسسات الأخرى، فضلاً رفع وعي الجمهور بالقوانين والقرارات والتعليمات والاجراءات.

اداء الاقتصاد والمؤسسات

يتأثر اداء الاقتصاد بشكل كبير بالمؤسسات أعلاه، لان القانون الضعيف الناجم عن المؤسسة التشريعية غير المهنية والتنفيذ الرديء الناجم ضعف المؤسسة التنفيذية وضياع الحقوق بفعل تحيز المؤسسة القضائية وعدم نشر المعلومات والحقائق او فبركتها بالشكل الذي يخدم السلطة، ستجعل الاقتصاد في اسوء حالاته.

ولأجل ضمان وتحسين اداء الاقتصاد يجب العمل على بناء المؤسسات الفاعلة والمنضبطة بعيداً عن التدخلات والضغوط والميول والاتجاهات.

ان بناء مؤسسات فاعلة ومنضبطة يعني فسح المجال أمام التفاعلات الاقتصادية لتحصل بشكل حقيقي وفق مبدأ الاختيار بعيداً عن الاكراه، وان عنصرا الندرة والوفرة هما اللذان سيجعلان الاقتصاد يسير بالشكل المناسب.

فعند وجود ندرة في سلعة أو خدمة معينة في اقتصاد معين سيرتفع الطلب عليها وهذا سيؤدي لارتفاع سعرها وهذا ما يشجع المنتجين على زيادة الانتاج منها رغبة في زيادة المبيعات وتحقيق الارباح من جانب وتخفيض الطلب عليها من جانب المستهلكين لأنها خارج خط ميزانيتهم من جانب آخر، ونظراً لزيادة الانتاج وتخفيض الطلب سيتحقق التوازن الاقتصادي بعيداً عن عنصر الاكراه وسط توفر المؤسسات الفاعلة المنضبطة.

لذلك ان توفر المؤسسات الفاعلة والمنضبطة تفتح المجال لسريان التفاعلات الاقتصادية بشكل حقيقي بمعزل عن الضغوط وتجعل اداء الاقتصاد واضحاً.

التعليقات