المعارضة البحرينية ومشروعية الاستفتاء

ما يزال الشعب البحريني يناضل بكل ما أوتي من قوة من اجل تغيير السلطة السياسية الحاكمة والتأكيد على إسقاط النظام السياسي الحاكم دون الدعوة إلى أصلاحه كما تتناقله بعض المحطات الإعلامية ؛ لأن ما وصل إليه النظام اليوم من انتهاك واستباحة للدم البحريني من خلال دخول أعداد أضافية من القوات العسكرية مضافة إلى قوات درع الجزيرة يبين لنا أن أي خطوة يتخذها النظام الحاكم اتجاه الإصلاح فهي فاشلة؛ لأنه لا توجد هناك جدوى من هذا الإصلاح ، واليوم القوى الثورية المعارضة في داخل البحرين وخارجه تطالب بإسقاط النظام الخليفي الحاكم وهذا واضح للعيان من خلال المظاهرات التي تشهدها المدن والقرى البحرينية وشعاراتها المطالبة بإسقاط النظام الحاكم . في البدء علينا تقسيم المعارضة البحرينية إلى قسمين أساسيين :- الأول / الجمعيات السياسية. الثاني / القوى الثورية. فالقسم الأول والمتمثل بالجمعيات السياسية وأبرزها تأثيرا ( جمعية الوفاق ) تطالب بإجراء إصلاحات سياسية على النظام الحاكم مع الإبقاء على السلطة بيد آل خليفة فلا مانع من ذلك أذا ما تمت الإصلاحات المنشودة والمتمثلة في : 1- أقامة حكومة منتخبة تمثل أرادة الشعب . 2- أقامة نظام انتخابي يتساوى فيه الجميع. 3- أقامة سلطة قضائية مستقلة . 4- إيقاف حملات التجنيس السياسي التي تقوم بها الحكومة من اجل التغيير الديموغرافي للبلد . 5- الابتعاد عن سياسة التمييز الطائفي والقبلي الذي تنتهجه الحكومة ضد طائفة محددة بعينها . إن موقف هذه الجمعيات نابع من كونها تمارس أعمالها بموافقة النظام الحاكم وتحت أشرافه فلا يحق لها المطالبة بإسقاطه . أما القسم الثاني والمتمثل بالقوى الثورية وأبرزها ( ائتلاف 14 فبراير ، حركة حق ، حركة خلاص ، تيار العمل الإسلامي ، وحركة أحرار البحرين ) فأنها تطالب بإسقاط النظام الخليفي والآتيان بنظام سياسي جديد ومنتخب يمثل إرادة الشعب وتطلعاته المستقبلية في بناء نظام سياسي ديمقراطي يعترف بالتعددية وحرية التعبير والمشاركة في الحياة السياسية والمساهمة في أنجاحها . بعد فشل النظام الحاكم في حل الأزمة التي يشهدها البلد منذ عام 2011م والصراع المستمر ما بين السلطة الحاكمة والقوى الثورية، والذي لم تحصل من خلاله هذه القوى على نتيجة أو موقف يمثل ما تسعى السلطة إلى القيام به، سوى ممارسة القتل والقمع ضد هذه القوى ومن يشاركها الرأي، فقد أعلنت القوى الثورية عن القيام بإجراء استفتاء شعبي يقرر مصير الشعب ومن يمثله وأطلق عليه (استفتاء حق تقرير المصير)، ووسط التضييقات التي تمارسها السلطات الخليفية ضد المحتجين تقرر أجراء هذا الاستفتاء في 21 و 22 / تشرين الثاني / 2014م . أن الغرض الأساس من هذا الاستفتاء هو اختيار شكل نظام الحكم الذي يريده الشعب وعن طريق هذا الاستفتاء سوف يقول الشعب كلمته في إبقاء أو إسقاط هذا النظام والسعي في إنهاء نفوذ آل خليفة المسيطرة على البحرين منذ أربعة قرون والى يومنا هذا ، وحتى صيغة السؤال الذي تم توجيهه إلى الشعب هو: هل تؤيد تقرير مصيرك باختيار نظام سياسي جديد في البحرين ؟ ، وتزامن الاستفتاء مع الانتخابات البلدية والمحلية التي أعلنتها المملكة في 21 / تشرين الثاني / 2014م ، وكان هذا احد الأسباب الرئيسية التي دعت القوى الثورية في أن يكون تاريخ الاستفتاء بهذا التوقيت لعدة اعتبارات أبرزها عدم مقدرة النظام على قمع ومواجهة الجماهير المطالبة بالاستفتاء؛ لان ذلك سوف يؤدي إلى افشال وقمع انتخاباتها خصوصا وان نتائج هذا الاستفتاء سوف تقدم إلى الأمم المتحدة وجرى تحت رعايتها ، تم الاستفتاء في 44 دائرة انتخابية شارك فيها الغالبية العظمى من أبناء الشعب البحريني وهنا حدثت المفاجئة بعد إعلان نسبة المشاركة الساحقة وبنسبة 99,1 % وهذه ضربة قاضية للنظام الحاكم وعدم شرعية استمراره في السلطة . لقد كان موقف الحكومة البحرينية إزاء هذا الاستفتاء يتمثل بالترقب والخوف من نجاح هذه التجربة في ظل هذه الأوضاع المتردية التي يشهدها البلد من جانب ، وممارسة الضغوط اتجاه الجماهير التي تحاول الوصول إلى صناديق الاستفتاء من اجل تقرير مصيرها من جانب آخر ، وقد اتضح هذا الموقف بعد تشكيك رئيس مجلس الشورى ( جمال فخرو ) الذي قال: أن البحرين سوف تشهد انتخابات حرة وديمقراطية ستقرر مصير المملكة في الأربع سنوات القادمة. وكأنه متيقن وواثق بان الحكم سوف يبقى خليفيا دون تغيير ، ولكن الاستفتاء سوف يغير هذه المعادلة نهائيا . في ضوء ذلك يتضح لنا أن الهدف المباشر للاستفتاء هو :- (1) الاستجابة للمطالب الشعبية التي تريد تقرير مصيرها من خلال تغيير وإسقاط النظام الخليفي الحاكم . (2) حل الأزمة المتفاقمة في البلاد على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي بسبب السياسة القمعية التي يمارسها النظام ضد الحراك الشعبي وممثليه في الداخل والخارج . (3) اختيار شكل النظام السياسي الذي تطمح الجماهير إلى تطبيقه بما يلبي طموحاتها وتطلعاتها . وبعد نجاح الاستفتاء أصبح موقف الحكومة البحرينية صعب جدا؛ لأن الشعب وهو صاحب الكلمة الفصل والسلطة الحقيقية في البلاد أعطى رأيه في ضرورة زوال النظام.
التعليقات