الاردن ما بين الازمة الداخلية والارادة الخارجية

قبل الخوض في موضوع الازمة الاردنية الاخيرة واعطاء تصور حول مجريات وابعاد الاحداث هناك لا بد من اعطاء فرشة اولية لطبيعة النظام السياسي الاردني كمنطلق تمهيدي لتغطية زوايا المشكلة من ابعادها المختلفة ، فالنظام السياسي في الاردن هو ملكي وراثي دستوري يتربع الملك على اعلى الهرم ويمتلك صلاحيات واسعة وهو القائد العام للقوات المسلحة اضافة الى المهام التنفيذية عبر تعيينه لرئيس الحكومة والاخير بدوره يعمل على اكمال الكابينة الوزارية وكلاهها اي رئيس ومجلس الوزراء مسؤولان اما البرلمان ، والبرلمان انما هو منتخب من قبل الشعب ويمثل السلطة التشريعية الى جنب مجلس الاعيان الذي يعينه الملك على وفق تصوراته ومن الاعضاء الذين هم وفق السياق العام للدولة ، اضافة الى السلطة القضائية .

ومن المتعارف على الاردن كثرة الحكومات التي تشكلت فيه واغلبها ممن هم على نهج الدولة باستثناء حكومة واحدة تشكلت من المعارضة اما البقية فكانت تطعم بشخوص من المعارضة، والشيء الابرز في الاردن وجود معارضة قوية تمارس ادواراً مختلفة وفي مقدمتها حركة الاخوان وهي ذات حضور قوي في الاردن تأتي قوتها بعد مصر اضافة الى السلفيون وبعض الحركات الليبرالية المعارضة، واغلب حركات المعارضة تتمتع بهامش من الحرية وان كانت مقيدة في بعض الاحيان على ان لا تتجاوز حدودها لا سيما بتوجيه انتقادات للملك.

وبالانتقال لازمة الاحتجاجات الاخيرة والتي انطلقت نتيجة اقدام الحكومة على زيادة الضرائب وبالتحديد ضريبة الدخل والتي تمس مرتبات العاملين بالقطاع الحكومي مما ولد ردة فعل كبيرة واحتجاجات شاملة نظمتها النقابات على مختلف انتماءاتها وقد طالبوا بإلغاء القانون والذي صوت على مجلس النواب بعد ان ارسل من الحكومة وقد تصاعدت وتيرة الاحتجاج لتشمل مطالب اخرى قبل ان يقدم الملك على اقالة الحكومة وتعيين رئيساً جديداً لها في انتظار اجراء تعديل على ذلك القانون فيما كانت المطالب واضحة بإلغائه وليس تعديله ، وللازمة الاخيرة ابعاداً عدة ومنها :-

1- الركيزة الاساس للاقتصاد الاردني هي المساعدات الخارجية وبالتالي تقليلها او انقطاعها قد أشر بوادر ازمة حقيقية.

2- اقدمت دول الخليج على قطع المساعدات او الاعالات للحكومة الاردنية كورقة ضغط نتيجة لموقف الاردن الرافض للانغماس الزائد في الازمة السورية.

3- كشفت الازمة الاخيرة هشاشة الوضع السياسي والاقتصادي الاردني وهو ما يشكل مناورة قد تلجأ اليها بعض الدول المتنفذة للحصول على مكاسب سياسية.

اما بالنسبة للإرادة الخارجية وتحديداً الولايات المتحدة واسرائيل وبريطانيا فهي اليوم لا تسعى لأي تغيير في الاردن ومن المتعارف عليه قوة العلاقة ما بين الاردن وبريطانيا اضافة الى الولايات المتحدة الامريكية فالأردن لم يتأخر يوماً في تنفيذ اي طلب للولايات المتحدة اضافة الى ان اسرائيل لا ترغب حالياً في احداث فوضى في الاردن الذي دائماً ما يدخل وسيط في اي مشكلة مع الفلسطينيون وبالنسبة للأمارات والسعودية فهي حاولت ان تضغط باتجاه دخول قوات عربية او فتح الحدود اقلها لحضور عربي متزايد في الازمة السورية الامر الذي يرفضه الاردن محافظاً على موقفه من الازمة السورية لينأى بنفسه عن المحرقة السورية والتي ربما تلتهمه اذا ما انغمس فيها ، وملخص الكلام الازمة في الأردن وجدت الحل نتيجة للرغبة الامريكية بعدم اثارتها وقد مارست ضغطاً نحو اعادة المساعدات الخليجية او تحل محلها كما اشيع عن ذلك لسد عجز الحكومة وهو ما تم فعلياَ اذ اقدمت الامارات والسعودية والكويت على تحويل مبالغ مالية للبنك المركزي الأردني  لكن الامر لن يتوقف عند هذا الحد ربما هذه الازمة هي بالون اختبار كشفت نقاط الضعف الاردنية امام بعض الدول التي قد تعمل على اثارتها مستقبلاً او تمرير مطالب ونفوذ على حساب الاردن ، الامر الذي يجب ان يدركه الاردنيون لتفادي الوقوع في شبكة الربيع العربي مجدداً . 

التعليقات